بسم الله الرحمن الرحيم
وصلى الله على الجد المصطفى محمد وعلى آله الطيبين الطاهرين ولعنة الله على اعدائهم اجمعين
اما بعد
فبحثنا اليوم حول خلافة الفقيه للرسول ص من بعده فبعد تصريحه ص بإمامة الائمة الاثني عشر معصوما من بعده صرح بخلافة الفقهاء من بعده لأنه ص يعلم ان المعصوم سيغيب عن امته فترة طويلة لذلك صرح بالولاية والخلافة للفقهاء من بعده فنسأل الله ان يحسن لنا ذلك انه سميع الدعاء
[[نص استخلاف الرسول للفقيه]]
ورد في معاني الاخبار للشيخ الصدوق قدس حدثنا أبي - رحمه الله - قال: حدثنا علي بن إبراهيم بن هاشم، عن أبيه، عن الحسين بن يزيد النوفلي، عن علي بن داود اليعقوبي، عن عيسى بن عبد الله بن محمد بن عمر بن علي بن أبي طالب، عن أبيه، عن جده، عن علي [بن أبي طالب] عليه السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: اللهم ارحم خلفائي، اللهم ارحم خلفائي، اللهم ارحم خلفائي.
قيل له: يا رسول الله ومن خلفاؤك؟ قال: الذين يأتون من بعدي يروون حديثي و سنتي.
اما سند الرواية فرجالها لهم توثيق الا داود بن علي اليعقوبي و عيسى بن عبد الله بن محمد بن عمر علي بن ابي طالب لم يرد فيهم توثيق او قدح فيطمأن صدوره كذلك وورد عن بثلاث اسانيد عن الامام الرضا عنه عن اجداده عن رسول الله ص فالرواية له عدة طرق فيطمأن صدورها عنه ص فيحكم على الرواية بأنها معتبرة
واما دلالتها فقد صرح من الفقهاء الكبار انها تدل على خلافة الفقيه للرسول ص بتشكيل الحكومة في الولاية العامة لا حصرا في رواية الحديث منهم :
قال الامام الراحل الخميني رضوان الله عنه في الحكومة الاسلامية [[ ولا مجال للشكّ في دلالة الرواية على ولاية الفقيه وخلافته في جميع الشؤون. والخلافة الواردة في جملة "اللّهمّ ارحم خلفائي، لا يختلف مفهومها في شيء عن الخلافة الّتي تُستعمل في جملة عليّ خليفتي".
وجملة "الّذين يأتون من بعدي ويروون حديثي" تُبيّن شخصيّة الخليفة، وليس فيها توضيح لمعنى الخلافة، لأنّ الخلافة كانت في صدر الإسلام من المفاهيم الواضحة، وهي واضحة حتّى عند السائل الّذي لم يسأل النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم عن معنى الخليفة أو الخلافة، وإنّما سأله بقوله: ومن خلفاؤك؟
ولم يكن أحدٌ يُفسِّر منصب الخلافة على عهد أمير المؤمنين عليه السلام وبالنسبة إلى الأئمّة عليهم السلام من بعده بأنّه منصب الإفتاء فقط، وإنّما فسّر المسلمون هذا المنصب بأنّه الولاية والحكومة]]
قال اية الله العظمى السيد محمد صادق الروحاني قدس في كتاله فقه الصادق [[ فيدل الخبر على أن الفقيه خليفة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، والخلية بقول مطلق من يقوم مقام من استخلفه في كل ما هوله. وإن شئت قلت: إن كون الرئاسة والحكومة حق خليفة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم منصبه المفوض إليه كان من الامور الواضحة المسلمة عند الجميع ولذلك كان كل من ملوك بنى امية وسلاطين بني العباس بل ومن قبلهم من رؤساء الحكومة الاسلامية مدعيا لخلافة رسول الله لتصدي ذلك المقام، وعلى ذلك فتعيين رسول الله العلماء خلفاءه يكون دالا بالملازمة البينة على جعلهم حكاما منفذي الحكم، ورؤساء للحكومة الاسلامية. ومما يؤيد ما ذكرناه - من ظهور جعل شخص خليفة في جعله منفذ الحكم ورئيسا - الاية الكريمة: (يا داود إنا جعلناك خليفة في الارض فاحكم بين الناس بالحق) [1] فإن كون الحكومة مترتبة على جعله خليفة مفروغ عنه في الاية، وإنما امر فيها بالحكم، وعدم اتباع الهوى فيه.]]
[[اقول]] ولذلك صرح صاحب الجواهر قدس عندما تعرض لولاية الفقيه وشرح مقبولة عمر بن حنظلة وصف الفقيه بالخليفة للمعصوم حيث قال قال صاحب الجواهر [[بل القطع بأولوية الفقيه منهما في ذلك بعد أن جعله الإمام عليه السلام حاكما وخليفة، وبأن الضرورة قاضية بذلك في قبض الحقوق العامة والولايات ونحوها بعد تشديدهم في النهي عن الرجوع إلى قضاة الجور وعلمائهم وحكامهم]]
الى ان يقول قدس بالمقولة المشهور عنه [[فمن الغريب وسوسة بعض الناس في ذلك، بل كأنه ما ذاق من طعم الفقه شيئا، ولا فهم من لحن قولهم ورموزهم أمرا، ولا تأمل المراد من قولهم إني جعلته عليكم حاكما وقاضيا وحجة وخليفة ونحو ذلك مما يظهر منه إرادة نظم زمان الغيبة لشيعتهم في كثير من الأمور الراجعة إليهم، ولذا جزم فيما سمعته من المراسم بتفويضهم عليهم السلام لهم في ذلك]] (³)
[[اقول]] وقصد صاحب الجواهر بوصف الفقيه بالخليفة هو الحديث الذي ورد عن رسول الله ص عندما وصف الفقهاء بخلفائه لانه قدس احتج به في كتابه جواهر الكلام في باب اخر واضافة الى احتجاج صاحب الجواهر فقد احتج به ايضا المولى احمد النراقي قدس على خلافة الفقيه للنبي ص وغيرهم من الفقهاء فراجع
واما من يقول ان مدلول هذا الحديث يخص الائمة الاثني عشر فقط فهذا القول يعبر عن جهل قائله وهو جهله بمقام ومرتبة الائمة عليهم السلام فقد َورد انهم رحمة الله المبسوطة حيث ورد في الكافي عن امامنا الباقر ع [[ونحن عين الله في خلقه ويده المبسوطة بالرحمة على عباده]].
ومع ورود روايات عن النبي ص ودعائه لهم بالرحمة فإن دعائه هنا لهم بالتشخيص لهم حيث عندما دعا لهم النبي ص بالرحمة في حديث الكساء فهو من باب المرتبة والمقام الذي لا يبلغه ملك مقرب ولا نبي مرسل
واما هنا دعاء النبي بالرحمة للذين يروون الحديث ووصفه لهم بالخلفاء فيكون المراد حسب المدعى هم الائمة الاثني عشر فبعيد جدا اولا :
لم يقل النبي اللهم ارحم خلفائي الاثني عشر بينما عندما يتعرض عندنا النبي لخلافة الائمة ع فإنه ينصبهم بالنصب بأسمائهم ويعددهم وعندنا روايات انه عددهم فردا فردا
ثانيا السبب الاخر لعدم ثبوت الحديث بحق الائمة قوله ص الذين يروون حديث وسنتي
وقد استفاضة الروايات عندنا ان الرواة هم الفقهاء كما في مقبولة عمر بن حنظلة ومكاتبة اسحاق بن يعقوب عندما عبرت عن الفقيه براوي الحديث
ثالثا لو كان الرسول ص يقصد بخلفائي بهذا الحديث الاثني عشر لقال اللهم اجعل صلواتك ورحمتك ورضوانك على خلفائي الاثني عشر فلو قال هكذا لكان هنا المراد بهم هم الائمة عليهم السلام لا غير لكن هنا اكتفى فقط بقوله اللهم ارحم خلفائي فلاحظ
رابعا الاستشكال الاخر انه مراد الخلافة هنا في الفقه لانه ص قال يروون حديثي وسنتي فيكونون الفقهاء خلفاء الرسول ص في الامور الشرعية وهو الحلال والحرام
ولكن هذا بعيد جدا فهنا النبي ص بين ان صفات خلفائه. هم الذين يروون حديثه ويحكمون وفق نهج رسول الله ص فعندما نصب النبي ص الفقهاء بالنصب جعل صفاتهم انهم يروون حديثه وسنته ولفظة الخليفة. هي اعم من تعليم الامور الشرعية بل هي تدل على الحكم الولائي والادلة كثيرة منها :
قوله تعالى ((وَقَالَ مُوسَىٰ لِأَخِيهِ هَارُونَ اخْلُفْنِي فِي قَوْمِي))
فهل هناك يشك احد ان خلافة هارون ع لاخيه موسى في الامور الشرعية فقط اما بما هو اعم من الامور الشرعية. وهو حكم ولائي والحكومة. الدينية وان عليهم الطاعة لكن خلفه سيدنا موسى عليه وعلى نبينا واله افضل الصلاة والسلام
وقوله تعالى ((وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً ۖ قَالُوا أَتَجْعَلُ فِيهَا مَن يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ ۖ قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لَا تَعْلَمُونَ))
وقوله تعالى(( وَاذْكُرُوا إِذْ جَعَلَكُمْ خُلَفَاءَ مِن بَعْدِ عَادٍ))
فهل هنا الخلافة هنا بالامور الشرعية او بالاستملاك والحكم وبسط اليد ؟
وقال تعالى((يَا دَاوُودُ إِنَّا جَعَلْنَاكَ خَلِيفَةً فِي الْأَرْضِ فَاحْكُم بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ))
وقد احتج بها اية الله السيد الروحاني قدس كما بينا سابقا وبين من هذه الاية ان مفردة الخليفة هي الحكم
[[اقول]] وبعد سرد الادلة يتبين ان الفقيه خليفة رسول الله ص. في الحكم بين الناس لانه راوي حديثه وسنته ويستنبط حكمه من حديث النبي ص وسنته وانه يشكل الحكومة الدينية وهنا الفقيه منصب بالتنصيب العام لا التنصيب الخاص وهذا دليل ان اخر يدل على الولاية العامة للفقيه كونه خليفة رسول الله ص في الصلاحيات والجهات الا ما اخرجه الدليل وهذا والحمد الله رب العالمين وصلى الله على الجد المصطفى محمد وعلى آله الطيبين الطاهرين ولعنة الله على اعدائهم اجمعين
كتبه وحرره انصار الكرار بتاريخ ٣/رجب/١٤٤٤ هجريا
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق