Translate

الثلاثاء، 1 أغسطس 2023

تاريخ القيادة الشرعية (الدرس الثاني عشر)

1-[[القيادة الشرعية بعد طالوت الفقيه]]
بعدما اثبتنا ان ولاية الفقيه لها جذور قبل الاسلام وكان طالوت الولي الفقيه في زمانه وقائدا شرعيا في زمانه وبعد قيادته جاء داود النبي وأصبح قائدا شرعيا في زمانه بعد طالوت الفقيه وداود الذي كان راعيا ويصنع الدروع بالقوة الخارقة التي وهبها الله له  نجد ذلك بقوله تعالى ((وَلَقَدْ آتَيْنَا دَاوُودَ مِنَّا فَضْلًا ۖ يَا جِبَالُ أَوِّبِي مَعَهُ وَالطَّيْرَ ۖ وَأَلَنَّا لَهُ الْحَدِيدَ))  وهو الذي قتل جالوت واعطاه الله حكما وعلما بقوله تعالى((وَقَتَلَ دَاوُودُ جَالُوتَ وَآتَاهُ اللَّهُ الْمُلْكَ وَالْحِكْمَةَ وَعَلَّمَهُ مِمَّا يَشَاءُ))
وهو من ذرية اسحاق كما صرح القرآن وقد ركز الله في محكم كتابه حول خلافته وحكمه وشدد بذلك بعدة مواطن منها  قال تعالى((يَا دَاوُودُ إِنَّا جَعَلْنَاكَ خَلِيفَةً فِي الْأَرْضِ فَاحْكُم بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ))  ونجد بهذه الاية وترشدنا لنه متى ما اطلق مفهوم الخلافة والحكم تعني مرادها التصدي للحكم وحكم الرعية وتشكيل الحكومة ويكون خليفة في الصلاحيات والجهات يقول السيد محمد صادق الروحاني قدس في كتابه فقه الصادق [[فيدل الخبر على أن الفقيه خليفة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، والخلية بقول مطلق من يقوم مقام من استخلفه في كل ما هوله. وإن شئت قلت: إن كون الرئاسة والحكومة حق خليفة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم منصبه المفوض إليه كان من الامور الواضحة المسلمة عند الجميع ولذلك كان كل من ملوك بنى امية وسلاطين بني العباس بل ومن قبلهم من رؤساء الحكومة الاسلامية مدعيا لخلافة رسول الله لتصدي ذلك المقام، وعلى ذلك فتعيين رسول الله العلماء خلفاءه يكون دالا بالملازمة البينة على جعلهم حكاما منفذي الحكم، ورؤساء للحكومة الاسلامية. ومما يؤيد ما ذكرناه - من ظهور جعل شخص خليفة في جعله منفذ الحكم ورئيسا - الاية الكريمة: (يا داود إنا جعلناك خليفة في الارض فاحكم بين الناس بالحق) [1] فإن كون الحكومة مترتبة على جعله خليفة مفروغ عنه في الاية، وإنما امر فيها بالحكم، وعدم اتباع الهوى فيه.]]

اذن يتبين من خلال هذه الاية ان الانبياء عليهم السلام سعر لتشكيل الحكومة وبعضهم استطاع تطبيقها كداود وابنه سليمان عليهم السلام وهذا يبين لنا أن تشكيل الحكومة من أهداف الانبياء لذلك نجد أن امامنا الخميني حقق حلم الانبياء كما بين ذلك شهيدنا الصدر الاول قدس حينما قال [[وقد حقّق الإمام الخمينيّ حلم الأنبياء والأوّلياء والأئمّة في التاريخ"]] اذن تشكيل  الحكومة كان حلم الانبياء والبعض قد حققها كالنبي داود ع والنبي يوسف ع ونبينا الأكرم محمد ص وقد وفق الله امامنا الخميني بتطبيقها  وكان الولي الفقيه في زمانه كما طبقها طالوت الذي كان الولي الفقيه في زمانه وكذلك روبيل الولي الفقيه كما سيأتي.












2-[[صفات القائد الشرعي يجب أن يكون عادلا]]

قال تعالى وهو يخاطب داود ((فاحكم بين الناس بالحق ولا تتبع الهوى فيضلك عن سبيل الله))
اذن الحاكم يجب أن يكون عادلا بقرينة قوله تعالى ((فأحكم بين الناس بالحق)) ولذلك شدد الله ان الحكومة يجب أن تكون عادلة وان الحاكم عادل كما نجد ذلك بقوله تعالى ((وَإِذَا حَكَمْتُم بَيْنَ النَّاسِ أَن تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ)) اذن العدالة شرط اساسي بالقيادة الشرعية شرط اساسي بصفات القائد الشرعي الديني وهذا الذي يميز الحكومة الاسلامية عن الحكومة العلمانية او المدنية فنظام الحكومة العلمانية تختار اي شخص بر كان ام فاجر ولا يهمهم سيرته او استقامته عكس الحكومة الدينية وقد وضع لنا امامنا الصادق ع صفات القائد الشرعي وحدد منها العدالة حيث قال في مقبولة عمر بن حنظلة :
 ((الحكم ما حكم به أعدلهما وأفقههما وأصدقهما في الحديث وأورعهما، ولا يلتفت إلى ما يحكم به الاخر)) لاحظوا كيف ان الامام ع يبين الشرط الأول العدالة وهنالك بحث جميل للشيخ جعفر السبحاني دام ظله بهذا الموضوع حيث قال في كتابه مفاهيم القرآن : ((ثانياً : انّ هذه الاعتراضات والمؤاخذات إنّما ترد على الانتخاب على النمط الغربيّ ، والذي يجري في المجتمعات والبيئات الغربيّة التي لا تتمتّع بتربية أخلاقيّة ودينيّة رفيعة ، والتي لا تخضع لأيّ شروط أو مواصفات موضوعيّة ومنطقيّة لا في الناخب ولا في المنتخب ، ولا يعتبر سوى المزيد من الآراء والأصوات التي تباع وتشترى ، وتكتسب بالأبواق وأجهزة الإعلام ، وتحت تأثير الدعايات البرّاقة والوعود المنمّقة ، لا ما يجري في البيئة الإسلاميّة وعلى النمط الإسلاميّ ، الذي يشترط فيه للحاكم شروط ومواصفات تجعله رجلاً مثالياً في الأخلاق ، نموذجيّاً في الإدراة ، ويشترط على المنتخب ، أن لا يختار إلاّ من تتوفّر فيه الشرائط المعتبرة في الحاكم المثاليّ [١] ، إذ لولا ذلك لكان عمله من باب الركون إلى الظالم الذي أوعد الله عليه بالعذاب الأليم وبالنار إذ قال : ( وَلا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ ) ( هود : ١١٣ ).

فيكون الانتخاب ـ في ظل النظام الإسلاميّ على العكس من النظام الديمقراطيّ ـ مسؤوليّةً للناخب والمنتخب ، وليس لعبةً سياسيّة.))

اذن النظام الاسلامي يحدد صفات الحاكم المطلوب  قبل الانتخاب وليس كالنظام الغربي الذي ينتخب من هب ودب ولا يراعي شروط العدالة لذلك أخبر الله تعالى نبيه داود ان يحكم بالحق اي بالعدالة لان العدالة شرط اساسي بتطبيق الحكومة الدينية.










3-[[دور ولاية الفقيه في إنقاذ قوم نبي الله يونس]]

في نفس الزمان الذي تواجد فيه النبي داود كان هنالك في بقعة اخرى نبي بعثه الله اسمه يونس بعثه الله الى نينوى لإقامة شرع الله والحكومة الدينية ولكنهم لم يستجيبوا ولكن السؤال كيف نجى قوم يونس من العذاب وما دخل ولاية الفقيه بهذا الأمر الباقر يخبرنا بذلك ورد في تفسير العياشي بقصة سيدنا يونس ع :44- عن أبي عبيدة الحذاء عن أبي جعفر ع قال: سمعته يقول‌ وجدنا في بعض كتب أمير المؤمنين ع قال: حدثني رسول الله ص أن جبرئيل ع حدثه أن يونس بن متى ع بعثه الله إلى قومه- و هو ابن ثلاثين سنة، و كان رجلا يعتريه الحدة[1] و كان قليل الصبر على قومه و المداراة لهم، عاجزا عما حمل من ثقل حمل- أوقار النبوة و أعلامها- و أنه تفسخ تحتها- كما يتفسخ الجذع تحت حمله‌[2] و أنه أقام فيهم- يدعوهم إلى الإيمان بالله و التصديق به- و اتباعه ثلاثا و ثلاثين سنة، فلم يؤمن به و لم يتبعه من قومه- إلا رجلان، اسم أحدهما روبيل و اسم الآخر تنوخا و كان روبيل من أهل بيت العلم و النبوة و الحكمة- و كان قديم الصحبة ليونس بن متى من قبل أن يبعثه الله بالنبوة، و كان تنوخا رجلا مستضعفا عابدا زاهدا- منهمكا في العبادة[3] و ليس له علم و لا حكم- و كان روبيل صاحب غنم يرعاها و يتقوت منها، و كان تنوخا رجلا حطابا يحتطب على رأسه- و يأكل من كسبه، و كان لروبيل منزلة من يونس غير منزلة تنوخا لعلم روبيل و حكمته و قديم صحبته- فلما رأى يونس أن قومه لا يجيبونه و لا يؤمنون- ضجر و عرف من نفسه قلة الصبر- فشكا ذلك إلى ربه و كان فيما يشكى- أن قال: يا رب إنك بعثتني إلى قومي و لي ثلاثون سنة، فلبثت فيهم أدعوهم إلى الإيمان بك- و التصديق برسالاتي و أخوفهم عذابك و نقمتك ثلاثا و ثلاثين سنة، فكذبوني و لم يؤمنوا بي، و جحدوا نبوتي، و استخفوا برسالاتي و قد تواعدوني و خفت أن يقتلوني- فأنزل عليهم عذابك فإنهم‌ قَوْمٌ لا يُؤْمِنُونَ‌ قال: فأوحى الله إلى يونس أن فيهم الحمل و الجنين و الطفل- و الشيخ الكبير و المرأة الضعيفة- و المستضعف المهين، و أنا الحكم العدل، سبقت رحمتي غضبي- لا أعذب الصغار بذنوب الكبار من قومك، و هم يا يونس عبادي و خلقي- و بريتي في بلادي و في عيلتي- أحب أن أتأناهم‌[4] و أرفق بهم- و أنتظر توبتهم، و إنما بعثتك‌ إلى قومك- لتكون حيطا عليهم‌[1] تعطف عليهم لسخاء[2] الرحمة الماسة منهم، و تأناهم برأفة النبوة- فاصبر معهم بأحلام الرسالة، و تكون لهم كهيئة الطبيب المداوي العالم- بمداواة الدواء، فخرقت بهم‌[3] و لم تستعمل قلوبهم بالرفق- و لم تسسهم بسياسة المرسلين، ثم سألتني عن سوء نظرك العذاب لهم- عند قلة الصبر منك- و عبدي نوح كان أصبر منك على قومه، و أحسن صحبة و أشد تأنيا في الصبر عندي، و أبلغ في العذر فغضبت له حين غضب لي، و أجبته حين دعاني.

فقال يونس: يا رب إنما غضبت عليهم فيك، و إنما دعوت عليهم حين عصوك فو عزتك لا أتعطف عليهم برأفة أبدا- و لا أنظر إليهم بنصيحة شفيق بعد كفرهم- و تكذيبهم إياي، و جحدهم نبوتي، فأنزل عليهم عذابك فإنهم لا يؤمنون أبدا.


فقال الله: يا يونس إنهم مائة ألف‌ أَوْ يَزِيدُونَ‌ من خلقي- يعمرون بلادي و يلدون عبادي و محبتي- أن أتأناهم للذي سبق من علمي فيهم و فيك، و تقديري و تدبيري غير علمك و تقديرك، و أنت المرسل و أنا الرب الحكيم- و علمي فيهم يا يونس باطن في الغيب عندي لا يعلم ما منتهاه، و علمك فيهم ظاهر لا باطن له، يا يونس قد أجبتك إلى ما سألت- من إنزال العذاب عليهم- و ما ذلك يا يونس بأوفر لحظك عندي، و لا أجمل لشأنك، و سيأتيهم العذاب- في شوال يوم الأربعاء وسط الشهر- بعد طلوع الشمس- فأعلمهم ذلك.


قال فسر ذلك يونس و لم يسؤه و لم يدر ما عاقبته- و انطلق يونس إلى تنوخا العابد فأخبره بما أوحى الله إليه- من نزول العذاب على قومه في ذلك اليوم، و قال له: انطلق حتى أعلمهم- بما أوحى الله إلي من نزول العذاب، فقال تنوخا: فدعهم في غمرتهم‌[1] و معصيتهم- حتى يعذبهم الله، فقال له يونس: بل نلقى روبيل فنشاوره- فإنه رجل عالم حكيم- من أهل بيت النبوة- فانطلقا إلى روبيل فأخبره يونس بما أوحى الله إليه من نزول العذاب على قومه في شوال يوم الأربعاء في وسط الشهر بعد طلوع الشمس فقال له: ما ترى انطلق بنا حتى أعلمهم ذلك، فقال له روبيل: ارجع إلى ربك- رجعة نبي حكيم و رسول كريم، و اسأله أن يصرف عنهم العذاب- فإنه غني عن عذابهم- و هو يحب الرفق بعباده- و ما ذلك بأضر لك عنده، و لا أسوأ لمنزلتك لديه، و لعل قومك بعد ما سمعت و رأيت من كفرهم و جحودهم- يؤمنون يوما فصابرهم و تأناهم، فقال له تنوخا: ويحك يا روبيل [على‌] ما أشرت على يونس و أمرته به بعد كفرهم بالله- و جحدهم لنبيه و تكذيبهم إياه- و إخراجهم إياه من مساكنه، و ما هموا به من رجمه- فقال روبيل لتنوخا: اسكت فإنك رجل عابد لا علم لك.


ثم أقبل على يونس فقال: أ رأيت يا يونس إذا أنزل الله العذاب على قومك- أنزله فيهلكهم جميعا- أو يهلك بعضا و يبقي بعضا فقال له يونس: بل يهلكهم الله جميعا- و كذلك سألته ما دخلتني لهم رحمة تعطف- فأرجع الله فيهم و اسأله أن يصرف عنهم فقال له روبيل: أ تدري يا يونس لعل الله إذا أنزل عليهم العذاب فأحسوا به، أن تتوبوا إليه و يستغفروه- فيرحمهم فإنه أرحم الراحمين- و يكشف عنهم العذاب من بعد ما أخبرتهم عن الله- أنه ينزل عليهم العذاب يوم الأربعاء فتكون بذلك عندهم كذابا.


فقال له تنوخا: ويحك يا روبيل لقد قلت عظيما يخبرك النبي المرسل- أن الله أوحى إليه بأن العذاب ينزل عليهم- فترد قول الله و تشك فيه و في قول رسوله! اذهب فقد حبط عملك، فقال روبيل لتنوخا: لقد فشل رأيك‌[2] ثم أقبل على‌ يونس فقال: أنزل الوحي و الأمر من الله فيهم- على ما أنزل عليك فيهم- من إنزال العذاب عليهم، و قوله الحق، أ رأيت إذا كان ذلك فهلك قومك كلهم- و خربت قريتهم- أ ليس يمحو الله اسمك من النبوة- و تبطل رسالتك و تكون كبعض ضعفاء الناس، و يهلك على يديك مائة ألف أو يزيدون من الناس، فأبى يونس أن يقبل وصيته فانطلق و معه تنوخا من القرية- و تنحيا عنهم غير بعيد، و رجع يونس إلى قومه فأخبرهم أن الله أوحى إليه أنه منزل العذاب‌[1] عليكم يوم الأربعاء في شوال في وسط الشهر بعد طلوع الشمس، فردوا عليه قوله فكذبوه و أخرجوه من قريتهم إخراجا عنيفا[2].

فخرج يونس و معه تنوخا من القرية- و تنحيا عنهم غير بعيد- و أقاما ينتظران العذاب، و أقام روبيل مع قومه في قريتهم- حتى إذا دخل عليهم شوال صرخ روبيل‌[3] بأعلى صوته في رأس الجبل إلى القوم- أنا روبيل شفيق عليكم الرحيم بكم [إلى ربه قد أنكرتم عذاب الله‌] هذا شوال قد دخل عليكم- و قد أخبركم يونس نبيكم و رسول ربكم- إن الله أوحى إليه أن العذاب ينزل عليكم- في شوال في وسط الشهر يوم الأربعاء بعد طلوع الشمس، وَ لَنْ يُخْلِفَ اللَّهُ وَعْدَهُ‌ رسله، فانظروا ما أنتم صانعون- فأفزعهم كلامه و وقع في قلوبهم تحقيق نزول العذاب، فاجفلوا نحو روبيل‌[4] و قالوا له: ما ذا أنت مشير به علينا يا روبيل فإنك رجل عالم حكيم- لم نزل نعرفك بالرقة [الرأفة] علينا و الرحمة لنا، و قد بلغنا ما أشرت به على يونس فينا: فمرنا بأمرك و أشر علينا برأيك، فقال لهم روبيل: فإني أرى لكم و أشير عليكم- أن تنظروا و تعمدوا إذا طلع الفجر يوم الأربعاء في وسط الشهر- أن تعزلوا الأطفال عن الأمهات- في أسفل الجبل في طريق الأودية، و تقفوا النساء في سفح‌ الجبل‌[1] [و كل المواشي جميعا عن أطفالها] و يكون هذا كله قبل طلوع الشمس [فإذا رأيتم ريحا صفراء أقبلت من المشرق‌] فعجوا عجيج الكبير منكم و الصغير[2] بالصراخ و البكاء و التضرع إلى الله- و التوبة إليه و الاستغفار له، و ارفعوا رءوسكم إلى السماء و قولوا: رَبَّنا ظَلَمْنا أَنْفُسَنا و كذبنا نبيك- و تبنا إليك من ذنوبنا، وَ إِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنا وَ تَرْحَمْنا- لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخاسِرِينَ‌ المعذبين، فاقبل توبتنا و ارحمنا يا أرحم الراحمين ثم لا تملوا من البكاء و الصراخ- و التضرع إلى الله و التوبة إليه- حتى توارى الشمس بالحجاب- أو يكشف الله عنكم العذاب قبل ذلك.


فأجمع رأي القوم جميعا على أن يفعلوا- ما أشار به عليهم روبيل، فلما كان يوم الأربعاء الذي توقعوا فيه العذاب- تنحى روبيل عن القرية- حيث يسمع صراخهم و يرى العذاب إذا نزل، فلما طلع الفجر يوم الأربعاء فعل قوم يونس ما أمرهم روبيل به- فلما بزغت الشمس‌[3] أقبلت ريح صفراء- مظلمة مسرعة لها صرير و حفيف و هدير[4] فلما رأوها عجوا جميعا- بالصراخ و البكاء و التضرع إلى الله، و تابوا إليه و استغفروه- و صرخت الأطفال بأصواتها تطلب أمهاتها، و عجت سخال البهائم‌[5] تطلب الثدي- و عجت الأنعام تطلب الرعي، فلم يزالوا بذلك- و يونس و تنوخا يسمعان ضجيجهم [صيحتهم‌] و صراخهم- و يدعوان الله عليهم بتغليظ العذاب عليهم، و روبيل في موضعه يسمع صراخهم و عجيجهم- و يرى ما نزل و هو يدعو الله- بكشف العذاب عنهم.


فلما أن زالت الشمس و فتحت أبواب السماء- و سكن غضب الرب تعالى رحمهم‌ الرحمن- فاستجاب دعاءهم و قبل توبتهم- و أقالهم عثرتهم، و أوحى الله إلى إسرافيل ع أن اهبط إلى قوم يونس فإنهم قد عجوا إلى البكاء و التضرع- و تابوا إلي و استغفروني- فرحمتهم و تبت عليهم، و أنا الله التواب الرحيم- أسرع إلى قبول توبة عبدي التائب من الذنوب و قد كان عبدي يونس و رسولي- سألني نزول العذاب على قومه- و قد أنزلته عليهم، و أنا الله أحق من وفى بعهده- و قد أنزلته عليهم، و لم يكن اشترط يونس حين سألني أن أنزل عليهم العذاب أن أهلكهم- فأهبط إليهم فأصرف عنهم- ما قد نزل بهم من عذابي، فقال إسرافيل: يا رب إن عذابك قد بلغ أكتافهم- و كاد أن يهلكهم- و ما أراه إلا و قد نزل بساحتهم فإلى أين أصرفه فقال الله: كلا إني قد أمرت ملائكتي- أن يصرفوه [يوقفوه‌] فلا ينزلوه عليهم- حتى يأتيهم أمري فيهم و عزيمتي- فاهبط يا إسرافيل عليهم و اصرفه عنهم- و اصرف به إلى الجبال- بناحية مفاوض العيون و مجاري السيول- في الجبال العاتية[1] العادية المستطيلة على الجبال- فأذلها به و لينها حتى تصير ملينة حديدا جامدا.


فهبط إسرافيل عليهم فنشر أجنحته- فاستاق بها[2] ذلك العذاب- حتى ضرب بها الجبال- التي أوحى الله إليه أن يصرفه إليها، قال أبو جعفر ع: و هي الجبال- التي بناحية الموصل اليوم، فصارت حديدا إلى يوم القيامة، فلما رأى قوم يونس أن العذاب قد صرف عنهم- هبطوا إلى منازلهم من رءوس الجبال، و ضموا إليهم نساءهم و أولادهم و أموالهم، و حمدوا الله على ما صرف عنهم،]] 


اذن لاحظوا المعصوم غاب عنهم ولم يبقى مع قوم يونس الا الفقيه الذي تسبب بنجاتهم وقد استعمل والولاية هنا مطلقة وليست حسبية لأن بسبب طاعتهم لروبيل الفقيه تم نجاتهم ولو كانت ولاية خاصة حسبية لما تسببت بنجاتهم وهنا ايضا يرشدنا ان لروبيل منصب بالتنصيب العام وليس التنصيب الخاص لان يونس ذهب ولم يحدد بالاسم شخصا منصبا من قبله عليهم

فيثبت هنا بالتنصيب العام والولاية المطلقة للفقيه في غيبة المعصوم كما ورد بقصة قوم نبي الله يونس ودور روبيل الفقيه بإنقاذهم وبعدها عاد يونس وحكمهم اصبحوا تحت حكمه وقد جائه داود مع ولده سليمان لزيارته فلم يرى ازهد منه واعبد منه ونأخذ دراسا من هذه القصة بعد مضي المعصوم وتركه للقرية بقي نائبه الولي الفقيه روبيل الذي تسبب بنجاة القوم فهل ياترى هل سنكون كقوم يونس ونتبع روبيل عص نا الولي الفقيه نائب المعصوم ام سنكون كقوم عاد او قوم ثمود الذين نزل فيهم الغذاب و هنا ايضا يثبت ولاية الفقيه المطلقة فلو لم يستمعوا لكلام الولي الفقيه روبيل لاصبحوا في خبر كان ولكن اتباع قوم يونس لنائب المعصوم روبيل انجاهم من العذاب وهذا دليل اخر يدل علي ولاية الفقيه المطلقة له ما للامام المعصوم ع وله ما للرسول ص الا ما اخرجه الدليل


وهذا والحمد لله رب العالمين وصلى الله على الجد المصطفى محمد وعلى آله الطيبين الطاهرين ولعنة الله على اعدائهم اجمعين 


كتبه وحرره انصار الكرار بتاريخ ١٥/محرم الحرام /١٤٤٥ هجريا

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق