بعد استشهاد الامام الصادق ع مسموم على يد المنصور الدوانيقي تسلم القيادة الشرعية من بعده ابنه الامام الكاظم ع وكان من صفاته العبد الصالح وكاظم الغيظ وراهب بني هاشم وكنيته ابا الحسن في عهد المنصور كان امره مخفيا بين شيعته لان المنصور كان يريد تصفية الامام الذي يوصي به من بعده الامام الصادق
والامام بحركة ذكية منه قبل استشهاده اوصى الى اربعة : الخليفة بالذات, والوالي بالذات, وابنه الأكبر إسماعيل, وابنه الأصغر موسى
والخليفة اي المنصور والوالي اي والي المدينة وابنه الأكبر إسماعيل وهو سيدنا اسماعيل بن الامام الصادق ع و ابنه الأصغر موسى وهو مولانا موسى الكاظم بن الامام جعفر الصادق فبعدما عرف بذلك المنصور عدل عن قراره واستمر هذا الامر حتى هلاك المنصور فأعلن الامام الكاظم ع إمامه وقد ظهرت بعده الافطحية و الإسماعيلية و خالفوا نهج القيادة الشرعية وهذا يذكرنا بما فعله بعض المتزينين بزي العلم حينما حاولوا الانقلاب على الامام الخميني في بداية انتصار الثورة والقصة طويلة ليس وقتها ولكن التاريخ يكرر نفسه
وفي عهد المهدي اراد قتل الامام الكاظم
فقد أورد الذهبي في تاريخ الإسلام :روى الفضل بن الربيع، عن أبيه: أن المهدي حبس موسى بن جعفر، فرأى في المنام عليا وهو يقول: فهل عسيتم إن توليتم أن تفسدوا في الأرض وتقطعوا أرحامكم.
قال: فأرسل إلي ليلا، فراعني ذلك، وقال: علي بموسى. فجئته به، فعانقه وقص عليه الرؤيا، وقال: تؤمنني أن تخرج علي أو على ولدي.
فقال: والله لا فعلت ذاك، ولا هو من شأني. قال: صدقت، وأعطاه ثلاثة آلاف دينار وجهزه إلى المدينة
ثم بعد المهدي جاء ابنه الهادي وكان فضا غليظا حاقدا يبغض اهل البيت وكانت مدة خلافته قليلة وكان ينوي قتل امامنا الكاظم ولكن الله لم يمهله فهلك وقيل ان سبب موته امه خيزرانة وبعده جاء هارون العباسي الذي كان السبب في استشهاد امامنا الكاظم ع كما سيأتي لاحقا .
2 -[[الامام الكاظم وتدخل الفقيه بالسياسة ]]
كان الامام الكاظم الشاهد التاريخي الحي بتدخل الدين بالسياسة فمثلا على بن يقطين الذي كان فقيها ومن اصحاب الامام الكاظم وراوي حديثه الذي قال عنه الشيخ الطوسي: «ثقة جليل القدر ، له منزلة عظيمة عند أبي الحسن 1 (عليه السَّلام) ، عظيم المكان في الطائفة ، له كتب
روى عنه المحدثون عامة وأصحاب الكتب الأربعة الشيعية كثيراً عن الإمام الكاظم عليه السلام فيما اقتصروا على نقل رواية واحدة عن الإمام الصادقعليه السلام، قال النجاشي: قال أصحابنا روى علي بن يقطين عن أبي عبد الله عليه السلام حديثاً واحداً، وروى عن موسىعليه السلام فأكثر.
ذكر له الرجاليون ثلاثة كتب، وهي عبارة عن:
مسائل عن الإمام الكاظم عليه السلام؛
مناظرة علي بن يقطين مع الشاك بحضرة الصادق عليه السلام؛
ما سئل عنه الصادق عليه السلام من الملاحم
اذن فالرجل فقيها مجتهدا عالما عادلا وحينما عينه هارون العباسي وزيرا له في دولته لم يعترض الامام عنه وعن تدخله بالسياسة لم يقل له انت فقيه فقط رسالة عملية وحيض ونفاس لا والله بل شجعه الامام وجوز ولايته بأن يكون وزيرا قال الإمام الكاظم ( عليه السَّلام ) لعلي بن يقطين : كفارة عمل السلطان الإحسان إلى الإخوان .
حين استأذن علي بن يقطين الامام الكاظم لاستقالته من الوزارة، لم يأذن له الإمام قائلاً:« لا تفعل ، فإنّ لنا بك أُنساً ، ولإخوانك بك عزّاً ، وعسى أن يجبر الله بك كسراً ، ويكسر بك نائرة المخالفين عن أوليائه
فلماذا لم يقل له اترك لماذا قال له استمر بالولاية وتدخل بالسياسة اليس منصب الوزير الا منصب سياسي وولائي تصدى له الفقيه على بن يقطين
و روى المجلسي في البحار: أَنَّهُ كتبَ إِلى أَبي الحسن مُوسىعليه السلام أَنَّ قلبي يضيقُ ممَّا أَنا عليه من عمل السُّلطان وكان وزيراً لهارُونَ فإِنْ أَذنت لي جعلني اللَّهُ فداك هربتُ منه. فرجع الجوابُ لا آذَنُ لك بالخروج من عملهمْ واتَّق اللَّه.[٦] وكان يعمل بإرشاد الإمام عليه السلام على إغاثة المظلومين حتى قال فيه: "يا علي: إن لله أولياء مع أولياء الظلمة يدفع بهم عن أوليائه، وأنت منهم يا علي"
وهذا يدل ان علي بن يقطين هو منصب بالحقيقة من الامام الكاظم ع وهو نائب عنه وهذا شاهد تاريخي اخر على ولاية الفقيه من قضية تجويز الامام الكاظم ولاية علي بن يقطين الذي كان فقيها وهذا يبين من خلال سيرة.اهل البيت ع ترغيبهم للفقهاء بالتدخل بالسياسة لانهم هم السند للمظلومين وهم اولى بتسلم المناصب التصدي للامور السياسية والاجتماعية من بعدهم فأين المنكر الذي يدعي اتباع اهل البيت ع الذي يشكل على تدخل الفقيه بالسياسة وها هم ائمتنا جوزوا للفقهاء التدخل بالسياسة كولاية النجاشي وولاية على بن يقطين وهؤلاء كانوا فقهاء فمن يدعي انه يتبع نهج اهل البيت عليهم السلام ولا يؤمن بتدخل رجل الدين بالامور السياسية والاجتماعية عليه ان يقرأ سيرة اهل البيت عليهم السلام جيدا وبتمعن وقانا الله وإياكم من هذه الزلات وعصمنا منها .
3-[[الاستكبار العالمي يعتقد ان القائد الشرعي حق ولكنه يجحد]]
ورد في عيون اخبار الرضا للشيخ الصدوق :
عن سفيان بن نزار قال: كنت يوما على رأس المأمون فقال: أتدرون من علمني التشيع؟ فقال: القوم جميعا: لا والله ما نعلم قال: علمنيه الرشيد قيل له: وكيف ذلك والرشيد كان يقتل أهل هذا البيت؟ قال: كان يقتلهم على الملك لان الملك عقيم ولقد حججت معه سنه فلما صار إلى المدينة تقدم إلى حجابه وقال: لا يدخلن على من أهل المدينة ومكة من أهل المهاجرين والأنصار وبني هاشم وساير بطون قريش إلا نسب نفسه وكان الرجل إذا دخل عليه قال: انا فلان بن فلان ينتهى إلى جده من هاشمي أو قرشي أو مهاجري أو أنصاري فيصله من المال بخمسه آلاف دينار وما دونها إلى مأتي دينار على قدر شرفه وهجره آبائه فانا ذات يوم واقف إذ دخل الفضل بن الربيع فقال: يا أمير المؤمنين على الباب رجل يزعم أنه موسى بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب عليهم السلام فاقبل علينا ونحن قيام على رأسه والأمين والمؤتمن وساير القواد فقال: احفظوا على أنفسكم ثم قال لاذنه: ائذن له ولا ينزل إلا على بساطي فانا كذلك إذ دخل شيخ مسخد (1) قد أنهكته العبادة كأنه شن بال قد كلم من السجود وجهه وأنفه فلما رأى الرشيد رمى بنفسه عن حمار كان راكبه فصاح الرشيد: لا والله إلا على بساطي فمنعه الحجاب من الترجل ونظرنا إليه بأجمعنا بالإجلال والاعظام فما زال يسير على حماره حتى صار إلى البساط والحجاب والقواد محدقون به فنزل فقام إليه الرشيد واستقبله إلى آخر البساط وقبل وجهه وعينيه واخذ بيده حتى صيره في صدر المجلس
وأجلسه معه وجعل يحدثه
الى ان يقول المأمون : ثم قام فقام الرشيد لقيامه وقبل عينيه ووجهه ثم اقبل علي وعلى الأمين والمؤتمن فقال: يا عبد الله ويا محمد ويا إبراهيم امشوا بين يدي عمكم وسيدكم خذوا بركابه وسووا عليه ثيابه وشيعوه إلى منزله فاقبل على أبو الحسن موسى بن جعفر عليهما السلام سرا بيني وبينه فبشرني بالخلافة فقال لي: إذا ملكت هذا الامر فأحسن إلى ولدى ثم انصرفنا وكنت أجرى ولد أبي عليه فلما خلا المجلس قلت: يا أمير المؤمنين من هذا الرجل الذي قد أعظمته وأجللته وقمت من مجلسك إليه فاستقبلته وأقعدته في صدر المجلس وجلست دونه ثم أمرتنا بأخذ الركاب له؟! قال: هذا امام الناس وحجه على خلقه وخليفته على عباده فقلت: يا أمير المؤمنين أوليست هذه الصفات كلها لك وفيك؟ فقال: انا امام الجماعة في الظاهر والغلبة والقهر وموسى بن جعفر امام حق والله يا بني انه لاحق بمقام رسول الله (ص) منى ومن الخلق جميعا ووالله لو نازعتني هذا الامر لأخذت الذي فيه عيناك فإن الملك عقيم.
[[اقول]] وهذا يبين لنا إن الاستكبار في كل زمان يعرف ان القائد الشرعي قيادته حق من الله ولكنه يعاند وهذا نص كلام هارون :هذا امام الناس وحجه على خلقه وخليفته
وهذا يبين لنا إن الاستكبار يقر بفضل القائد الشرعي ومنزلته ولكنه كما قال تعالى ((وَجَحَدُوا بِهَا وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنفُسُهُمْ ظُلْمًا وَعُلُوًّا ۚ )) وهذا يدل على تشيع المأمون واقراره بالتشيع خير شاهد ولكنه باع آخرته وهذا يذكرنا بالسياسيين الحاليين في العراق حالهم كما هو حال بني العباس يعتقدون بالقيادة الشرعية ولكنهم باعوا اخرتهم بدنياهم وهذا السوداني الذي يخالف امر القائد الشرعي الامام الخامنئي دام ظله حيث صرح القائد :ينبغي أن لا يبقى جندي أمريكي واحد في العراق
ولكن السوداني ومن على شاكلته يصفون قوات الاحتلال بالصديقة بربكم ماهو الفرق بين السوداني الذي يظهر التشيع وبين المأمون الذي أظهر التشيع ايضا فهذا فهم يبقون في موضع الشبهات حتى يساهمون بإخراج الاحتلال انقيادهم للقيادة الشرعية المتمثلة بالفقيه المجتهد وهذا يبين لنا انه ليس كل من يدعي التشيع والولاء لاهل البيت عليهم السلام ولا يمثل لأوامر القيادة الشرعية يكون عادلا لان القيادة في التشيع تكون اما بقيادة المعصوم او نائبه الخاص او نائبه العام الولي الفقيه وهذه القضية تبين لكم ان الذي يكون شيعيا مهما كان منصبه يجب أن ينقاد للقيادة الشرعية كما بينا لكم .
4-[[هارون العباسي يسجن القائد الشرعي ويتسبب بتسميمه]]
ورد في تاريخ الاسلام للذهبي :
قال عبد الرحمن بن صالح الأزدي: زار الرشيد قبر النبي صلى الله عليه وسلم فقال: السلام عليك يا رسول الله، يا ابن عم، يفتخر بذلك. فتقدم موسى بن جعفر فقال: السلام عليك يا أبه.
فتغير وجه الرشيد وقال: هذا الفخر حقا يا أبا حسن.
وهذا سبب من الأسباب عندما قام هارون العباسي بحبس الامام الكاظم القائد الشرعي لذلك يعلق الامام الذهبي ويقول :هذا يدل على كثرة إعطاء الخلفاء العباسيين له. ولعل الرشيد ما حبسه إلا لقولته تلك: السلام عليك يا أبه. فإن الخلفاء لا يحتملون مثل هذا.
[[اقول]]
وايضا من أسباب الحسد هو الخوف على كرسيه لانه يعلم انه امام وقيادته شرعية من الله وكما قلنا سابقا ان الاستكبار يعرف القائد الشرعي حق من الله واعطينا أمثلة بإبليس و هارون لذلك أورد في كتاب الاتحاف في حب الاشراف لشيخ الازهر الشبراوي الشافعي قال :
وسار الرشيد ذات ليلة إلى قبر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وقال: يا رسول الله إني أعتذر إليك من أمر أريد أن أفعله. وهو أن أمسك موسى بن جعفر فإنه يريد التشعيب بين أمتك وسفك دمائهم. وإني أريد حقنها.
[[اقول]]
وهذا عذر اكبر من القبح وهو انك تقول في إمامة الامام الكاظم يا هارون ومع ذلك تريد حبس القائد الشرعي الذي تعتقد بأن قيادته حق وهذا كله بحجة عدم الفتنة وحجة حقن الدماء والحقيقة غير ذلك بل العكس هو بسبب الحفاظ على الكرسي الذي اعترفت انه عقيم
ثم خرج وأمر بحبس موسى بن جعفر وأرسله مخفورا إلى البصرة إلى ابن عمه واليها عيسى بن جعفر بن المنصور. فلما مكث موسى في السجن سنة بعث الرشيد يأمر عيسى بسفك دم الإمام موسى والتخلص منه. فشق ذلك على عيسى بن جعفر وكتب إلى الرشيد يستعفيه من ذلك وأخبره بأن الإمام موسى طوال مدة سجنه لم يذكر الرشيد بسوء ولا أحد من الناس بل كان يدعو للناس كافة مع ملازمته الصيام والصلاة والذكر وقراءة القرآن وأنه لم ير أعبد منه.
فكتب الرشيد إلى السندي بن شاهك أن يتسلم الإمام موسى.
ونحن نسأل من كان السبب بسجن الامام الكاظم
هل فقط هارون ام نحن ايضا ؟
الشيعة كانوا كثر في بغداد فلماذا لم يثوروا ولم يهيئوا الأرضية له من اجل تسلم زمام الحكم لماذا فقط انشغلنا بالدعاء الخروج امامنا من السجن ولم نساهم بإخراجه بأيدينا استعملنا أضعف الايمان وهو في القلب فقط ندعوا ولم نساهم ومستعمل يدنا في إخراج الامام الكاظم وهذه هي النتيجة بقي امامنا الكاظم حبيسا حتى استشهاده
وقد ذكر ابن الجوزي في صفة الصفوة أن الإمام موسى بعث إلى الرشيد وهو في السجن كتابا جاء فيه: (إنه لن ينقضي عني يوم من البلاء إلا انقضى معه عنك يوم من الرخاء حتى نمضي جميعا إلى يوم ليس فيه انقضاء. وهناك يخسر المبطلون
وهذا هو الحق وقد جعل القائد الشرعي استكبار زمانه هو السجين وليس هو وذلك لأن الحق حق والباطل باطل وقد استشهد القائد الشرعي الامام الكاظم في سجن السندي بن شاهك مسموما بأمر من استكبار زمانه هارون وقد شيعت جنازته وصلى عليه القائد الشرعي الامام الرضا ع ودفن في بغداد وبعده تصدى للقيادة الشرعية الامام الرضا ع
6-[[القائد الشرعي وولاية العهد من المأمون]]
بعد استشهاد الامام الكاظم ع تسلم القيادة الشرعية الامام الرضا ع وفي عهد امامنا الرضا بعد هلاك هارون دب الخلاف بين المأمون والأمين على الحكم وبعد سيطرة المأمون وقتل أخيه الامين حيث كان المأمون في خراسان والأمين في بغداد عرض على امامنا الرضا ع ولاية العهد وهي خطة خبيثة من الاستكبار الذي كان يدعي التشيع من اجل تمرير حكومته الفاسدة بحجة ان الامام الرضا معهم وانه في حكومتهم يستغل اسم امامنا الرضا ع نتعرض لذكر قضية ولاية العهد والدور السياسي امامنا الرضا من كلمات الامام القائد الخامنئي دام ظله حيث قال في هذا البحث :
خطة الإمام الرضا عليه السلام لمواجهة المأمون
بعد هذا العرض لسياسة المأمون، نتعرّض إلى السياسة والإجراءات الّتي قام بها الإمام علي بن موسى الرضا عليه السلام لمواجهة هذا الواقع:
عندما دُعي الإمام عليه السلام من قبل المأمون، لينتقل من المدينة إلى خراسان، نشر في المدينة جوّاً يدلّ على انزعاجه وتضايقه من هذه الخطوة، بحيث أنّ كلّ شخص كان حول الإمام عليه السلام تيقّن أنّ المأمون يضمر سوءً للإمام عليه السلام من خلال إبعاده عن موطنه. ولقد أعرب الإمام للجميع عن سوء ما يرمي إليه المأمون بكلّ الأساليب الممكنة، فقام بذلك عند توديع حرم النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم وعند توديع عائلته وأثناء خروجه من المدينة وفي طوافه حول الكعبة من أجل الوداع، وبكلامه وسلوكه ودعائه وبكائه، كان واضحاً للجميع أن هذا السفر هو رحلته الأخيرة ونهاية حياته عليه السلام .
بعد هذا العرض لسياسة المأمون، نتعرّض إلى السياسة والإجراءات الّتي قام بها الإمام علي بن موسى الرضا عليه السلام لمواجهة هذا الواقع:
عندما دُعي الإمام عليه السلام من قبل المأمون، لينتقل من المدينة إلى خراسان، نشر في المدينة جوّاً يدلّ على انزعاجه وتضايقه من هذه الخطوة، بحيث أنّ كلّ شخص كان حول الإمام عليه السلام تيقّن أنّ المأمون يضمر سوءً للإمام عليه السلام من خلال إبعاده عن موطنه. ولقد أعرب الإمام للجميع عن سوء ما يرمي إليه المأمون بكلّ الأساليب الممكنة، فقام بذلك عند توديع حرم النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم وعند توديع عائلته وأثناء خروجه من المدينة وفي طوافه حول الكعبة من أجل الوداع، وبكلامه وسلوكه ودعائه وبكائه، كان واضحاً للجميع أن هذا السفر هو رحلته الأخيرة ونهاية حياته عليه السلام .
وبناءً على ما كان يتصوّره المأمون في أن يُنظر إليه نظرة حسنة، بينما يُنظر إلى الإمام عليه السلام الّذي قبل بطلب المأمون نظرة سيئة، نرى أن قلوب الجميع، ونتيجةً لردّ الفعل الّذي قام به الإمام عليه السلام في المدينة، ازدادت حقداً على المأمون منذ اللحظة الأولى لسفر الإمام عليه السلام . فقد أبعد المأمون إمامهم العزيز عليه السلام عنهم بهذا الشكل الظالم ووجّهه إلى مقتله. هذه الخطوة الأولى للإمام عليه السلام .
وعندما طُرحت ولاية العهد على الإمام في "مَروْ" رفض الإمام عليه السلام هذا الطرح بشدّة. ولم يقبل حتّى هدّده المأمون صراحةً بالقتل. ولقد انتشر في كلّ مكان رفض الإمام علي بن موسى الرضا عليه السلام لولاية العهد من قبل الخلافة. كما أنّ العاملين في الحكومة، الّذين لم يكونوا على علم بدقائق سياسة وتدابير المأمون، قاموا وعن غباء بنشر رفض الإمام عليه السلام في كلّ مكان. حتّى أن الفضل بن سهل صرّح في جمع من العاملين في الحكومة، أنّه لم يرَ على الإطلاق خلافة بهذا القدر من المذلة، فالمأمون الّذي هو أمير المؤمنين يقدّم الخلافة أو ولاية العهد لعلي بن موسى الرضا وهو يردّها عليه رافضا2.
ولقد سعى الإمام عليه السلام في كلّ فرصة تُتاح له أن يبيّن أنّه مجبر على تسلّم هذا المنصب (ولاية العهد) ودائماً كان يذكر أنّه هُدد بالقتل حتّى يقبل بولاية العهد. وكان من الطبيعي جداً أن يصبح هذا الحديث، الّذي هو من أعجب الظواهر السياسية، متناقلاً على الألسن، ومن مدينة إلى مدينة. فكل العالم الإسلامي في ذلك اليوم وفيما بعد فهم أنّ شخصاً مثل المأمون حارب أخاه الأمين حتّى قتله، لأجل أن يبعده عن ولاية العهد ووصل به الأمر من شدّة غضبه على أخيه أن قام برفع رأسه، وآلافٍ آخرين، على الرّمح وطاف بهم من مدينة إلى مدينة. وشخصٌ مثل علي بن موسى الرضا عليه السلام ، يظهر وينظر بلا مبالاة إلى ولاية العهد، ولا يقبلها إلا مكرهاً وتحت التهديد. وعند المقارنة بين الإمام علي بن موسى الرضا عليه السلام والمأمون العبّاسي، نرى أن كلّ ما جهد المأمون لتحقيقه ووفّر في سبيله كلّ ما لديه كانت نتيجته عكسية بالكامل. هذه هي الخطوة الثانية للإمام عليه السلام .
أما النقطة الثالثة في سياسته عليه السلام والّتي واجه بها سياسة المأمون، هي أنه مع كلّ الضغوطات والتهديدات الّتي مورست عليه، لم يقبل بولاية العهد إلا بشرط الموافقة على عدم تدخّله في أي شأن من شؤون الحكومة من حرب وصلح وعزل ونصب وتدبير وإشراف على الأمور. والمأمون الّذي كان لا يعتقد أنّ هذا الشرط ممكن قبوله وتحمله في بداية الأمر، حيث يستطيع فيما بعد أن يجرّ الإمام عليه السلام إلى ساحة أعمال ونشاطات الحكومة، وافق على قبول شرط الإمام عليه السلام الّذي ينص على عدم التدخّل بأي شيء مهما كان. ومن الواضح أنّ قبول المأمون بهذا الشرط جعل خطته كمن يكتب على وجه الماء. فأكثر أهدافه الّتي كان يرمي إلى تحقيقها من وراء هذه الخطوة لم تتحقّق من جراء موافقته على هذا الشرط. والإمام عليه السلام ، الّذي كان يُطلق عليه لقب وليّ العهد ويستفيد بسبب موقعه من إمكانات جهاز الحكم، كان دائماً يقدّم نفسه على أنّه مخالف ومعترض عليه. فهو لم يكن يأمر ولا ينهى، ولا يتصدّى لأيّ مسؤولية ولا يقوم بأي عمل للسلطة، ولا يدافع عن الحكومة، ولا يقدّم أي تبرير لأعمال النظام. لذا كان من الواضح أنّ هذا الشخص الّذي يُعتبر عضواً في النظام الحاكم والّذي أدخل إليه بقوّة وكان يتنحّى عن كلّ المسؤوليات، لا يمكن أن يكون شخصاً محبّاً ومدافعاً عن هذا النظام. ولقد أدرك المأمون جيداً هذا الخلل والنقص. فحاول عدّة مرات وباستخدام لطائف الحيل أن يحمل الإمام على العمل خلافاً لما تعهّد به سابقاً. فيجرّ بذلك الإمام عليه السلام إلى التدخّل في أعمال الحكومة ويقضي أيضاً على سياسة الإمام عليه السلام المواجهة والرافضة. لكن الإمام كان في كلّ مرّة يُحبط خطّته بفطنته وبراعته.
وكنموذج على هذا الأمر يذكر معمر بن خلاد نقلاً عن الإمام علي بن موسى الرضا عليه السلام أنّ المأمون كان يقول للإمام أنّه إذا أمكن أن تكتب شيئاً لأولئك الّذين يسمعون كلامك ويطيعونك حتّى يخفّفوا من حدّة التوتر والأوضاع المضطربة في مناطق وجودهم، لكن الإمام عليه السلام رفض وذكّره بشرطه السابق القاضي بعدم تدخّله مطلقاً في أيّ من الأمور. نموذجٌ آخر مهمٌّ جداً وملفتٌ هو حادثة صلاة العيد حيث إنّ المأمون وبحجّة أنّ الناس يعرفون قدر الإمام عليه السلام وقلوبهم تهفو حبّاً له، طلب من الإمام عليه السلام أن يؤمّ الناس في صلاة العيد، رفض الإمام عليه السلام في البداية لكن بعد إصرار المأمون على طلبه وافق بشرط أن يخرج إلى الصلاة ويصلي بنفس طريقة النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم وعلي بن أبي طالب عليه السلام . فلمّا استفاد الإمام عليه السلام من هذه المناسبة وانتهزها كفرصة جيدة لصالح مشروعه، ندم المأمون الّذي كان قد أصرّ على ذلك وأرجع الإمام عليه السلام من منتصف الطريق قبل أن يصلي، معرّضاً بفعله هذا سياسة نظامه المخادعة والمتملقّة لضربة أخرى في صراعه مع الإمام عليه السلام 3.
[[اقول]]ويستفاد من كلام الامام القائد دام ظله في قضية ولاية العهد من المأمون للامام الرضا ع انه لو كان القائد الشرعي متوليا منصبا اذا يا كبيرا من قبل الاستكبار فإنه لا ينفذ سياسة الاستكبار بل ينفذه وفق ما أمر به الله عزوجل والخطة السياسية من الامام الرضا ع القائد الشرعي بقوله ولاية العهد شرط عليه شرطا وهو عدم التدخل بشؤن الحكم اي الاحكام الخاصة بسياسة استكبار زمانه المأمون لان سياسة المأمون حكمه ليس حكم الله بل حكم الجاهلية والامام الرضا القائد الشرعي حكمه حكم الله لا حكم الجاهلية لذلك عندما كان يطلب منه المأمون الضغط على المتمردين الذين من اتباع الامام الرضا كان يذكره الامام بشرطه الأساسي وهو عدم تدخله ولكن في المقابل كان الامام الرضا يحكم وفق ما انزل به الله فمثلا صلاته كصلاة الرسول عندما صلى في العيد وإظهار علمه ومناظراته مع العلماء وانقياد الناس لقيادته بسبب حكمه بما انزل الله وهنا يلاحظ ان الامام بالاصل يؤيد التدخل بالحكم و بالسياسة ولكن ليس وفق نظام فاسق بل وفق نظام اسلامي يحكم بشرع الله وبينة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لذلك نجد أن المراجع والفقهاء في وقتنا هذا لا يتدخلون في سياسة الحكومة الحالية في العراق لأنها حكومة لا تحكم لما انزل الله فقط ينصحون لهم من اجل مصلحة المسلمين ومصلحة البلد حتى الامام الخامنئي دام ظله الذي هو لديه ولاية على كل مسلمين العالم بالحقيقة لانه ولي فقيه مبسوط اليد لا يتدخل بسياسة الحكومة فقط ينصح ولكنه له الولاية شرعا ومع ذلك الحكومة لا تذعن لنصيحته ولا لأقواله لذلك تجدها من تخبط الى تخبط وهذه نتيجة النظام العلماني كذلك الحكام في فلسطين لا يحكمون وفق شرع الله لذلك تجد انهم خذلوا المقاومة وباعوا القضية وتجد ان الذي يدعم المقاومة في حماس هي فقط حكومة الفقيه فلو الامة انقادت لقيادة القائد الشرعي لأصبحنا في عز وكرامة ولكن ماذا نفعل فهذا يستفاد كله من ولاية العهد من المأمون للقائد الشرعي الامام الرضا ع
6-[[اشارة الامام الرضا الى ولاية الفقيه العامة]]
تعرضنا سابقا لهذا البحث ولا بأس بتكرار للفائدة
ورد في مسند الامام الرضا ع اختصار السند قال: أبو محمد الفضل بن شاذان النيسابوري في العلل التي سمعنا من الرضا عليه السلام أنه قال(اخذ الشاهد منه) :بأن يجعل عليهم فيه أمينا يمنعهم من التعدي والدخول فيما حظر عليهم، لأنه لو لم يكن ذلك كذلك لكان أحد لا يترك لذته ومنفعته لفساد غيره، فجعل عليهم قيما يمنعهم من الفساد ويقيم فيهم الحدود والأحكام.
ومنها أنا لا نجد فرقة من الفرق، ولا ملة من الملل بقوا وعاشوا إلا بقيم ورئيس ولما لابد لهم منه في أمر الدين والدنيا، فلم يجز في حكمة الحكيم أن يترك الخلق مما يعلم أنه لابد له منه لا قوام لهم إلا به فيقاتلون به عدوهم ويقسمون فيئهم ويقيم لهم جمعهم و جماعتهم ويمنع ظالمهم من مظلومهم.
[[اقول]] تصريح الامام ع بأن الامة او الفرقة لابد من امين في الدين والدنيا يقودهم ويقيم فيهم الحدود. ليس مختصا فقط بأمامتهم بل ايضا يشمل الفقهاء الغير معصومين فقد ورد عنه ع انه عندما تم سؤاله عن من ياخذ منه دينه وهو بعيد عنه فقال الرضا ع :
من زكريا بن آدم القمي المأمون على الدين و الدنيا،
[[اقول]] وهذا شاهد اخر ان الامين او المأمون في الدين والدنيا الموجود في حديث الامام الرضا ع لا يختص فقط بالمعصوم بل يشمل غير المعصوم وهوالفقيه المجتهد الجامع
وقد يقول المعترض ان الامام يقصد بحديثه فقط الامام المعصوم بقوله :فلم جعل اولي الامر وامر بطاعتهم
والجواب: ان اولي الامر ليس مختصا فقط بالمعصومين بل يشمل المعصوم ومن نصبوه من بعدهم للولاية للفقيه فطالما ان الفقيه منصب من قبل الامام كما يشهد في المقبولة والمكاتبة فيشمله لفظ اولي الامر لانه منصب من قبل الامام والتنصيب من الامام جاء من رسول الله ص والتنصيب من رسول الله ص جاء من الله عزوجل فيكون التنصيب تنصيب اللهي
وهنا نستشهد بنكته لطيفة بخصوص لفظ اولي الامر حيث تعرض لهذا الموضوع المرجع الكبير الشيخ الفياض دامت بركاته في كتابه الانموذج في منهج الحكومة الاسلامية قائلا :ان طاعة السلطة الحاكمة ((حكومة الفقيه)) في الحكومة الشرعية واجبة على الناس بالعنوان الثانوي بمقتضى قوله تعالى ((اطيعوا الله واطيعوا الرسول واولي الامر منكم))
اذن فاولي الامر المذكورين بكلام الامام الرضا والمذكورين في القران لا يخص فقط المعصوم ع بل يشمل ايضا من نصبوه من بعدهم وهو الفقيه المجتهد وانه الامين في الدين والدنيا
اذن الذي يقيم الحدود وغيرها من الامور الثابته للمعصوم تثبت وامثال هذه الصلاحيات للفقيه الجامع المجتهد الا ما اخرجه الدليل فتثبت الولاية العامة للفقيه واشارة تامة من امامنا الرضا ع
وبعدما رأى الاستكبار المأمون ان الناس منقادة للقائد الشرعي الامام الرضا ع سممه في طوس بعنب مسموم ودفن هناك في خراسان التي تعرف اليوم بمشهد المقدسة وبعد استشهاده تسلم القيادة الشرعية من بعده الامام الجواد ع وهذا والحمد لله رب العالمين وصلى الله على الجد المصطفى محمد وعلى آله الطيبين الطاهرين ولعنة الله على اعدائهم اجمعين
كتبه وحرره انصار الكرار بتاريخ ٣/شعبان/١٤٤٥ هجريا
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق