نذكر في البداية من الفقهاء ودورهم بعد ابن قولويه جاء الشيخ الصدوق ثم الشيخ المفيد والشيخ المفيد تصدى لزعامة الشيعة وفي عهده سيطرت الدولة البويهية على الحكم في بغداد وكان ميلانهم شيعيا الا انهم لم يوفقوا في عهد الشيخ المفيد بسبب عدم تمكين هم اياه وبالرغم من انهم كانوا يعظمون الشيخ وقد أشار شيخنا المفيد الى الولاية للفقيه لمن نصبه الحاكم المتغلب لقضاء او امارة وصرح ايضا بالجهاد الابتدائي في زمن الغيبة فقد قال في كتاب المقنعة :
[[ فأما إقامة الحدود: فهو إلى سلطان الإسلام المنصوب من قبل الله تعالى، وهم أئمة الهدى من آل محمد عليهم السلام، ومن نصبوه لذلك من الأمراء والحكام، وقد فوضوا النظر فيه إلى فقهاء شيعتهم مع الإمكان. فمن تمكن من إقامتها على ولده وعبده، ولم يخف من سلطان الجور إضرارا به على ذلك، فليقمها. ومن خاف من الظالمين اعتراضا عليه في إقامتها، أو خاف ضررا بذلك على نفسه، أو على الدين، فقد سقط عنه فرضها. وكذلك إن استطاع إقامة الحدود على من يليه من قومه، وأمن بوائق (3) الظالمين في ذلك، فقد لزمه إقامة الحدود عليهم، فليقطع سارقهم، ويجلد زانيهم، ويقتل قاتلهم. وهذا فرض متعين على من نصبه المتغلب لذلك على ظاهر خلافته له أو الإمارة من قبله على قوم من رعيته، فيلزمه إقامة الحدود، وتنفيذ الأحكام، والأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر، وجهاد الكفار ومن يستحق ذلك من الفجار، ويجب على إخوانه من (4) المؤمنين معونته على ذلك]]
وقد ورد ان الامام الحجة عجل الله فرجه الشريف كان يسدده وكان معه في التسديد الإلهي منها ما جاء في كتاب (رعاية الامام المهدي للمراجع والعلماء الاعلام) تأليف علي الجهرمي ص61 وما بعدها ما نصه:
يذكر المرحوم الميرزا محمد التنكابني رحمة الله عليه هذه الحادثة كما يلي: وفد احد القرويين الى مجلس الشيخ المفيد وسأله عن امراة حامل ماتت وجنينها حي في بطنها ، هل تدفن هكذا ، ام تشق بطنها ويستخرج الطفل منها ؟ فأجاب الشيخ: ادفنوها هكذا . فخرج الرجل عائدا ادراجه ، وفي اثناء الطريق رأى فارسا مسرعا يتبعه ، وحين وصل اليه ترجل وقال له: يا رجل الشيخ المفيد يقول: شقوا بطن هذه المتوفاة واخرجوا الطفل ثم ادفنوها .
والتزم القروي بهذا التصحيح ، وبعد مدة اخبر الشيخ المفيد بما جرى ، فقال : انه لم يرسل احدا ولا شك ان هذا الفارس هو صاحب الزمان عليه السلام وهذا يعني اننا نخبط خبط عشواء في فتاوانا ، فما احرى ان لا نفتي بشيء بعد الان.
وبالفعل التزم بيته لا يغادره حتى جاءه التوقيع من صاحب الامر عليه السلام ( عليكم الافتاء وعلينا تسديدكم وعصمكم من الخطأ) فما كان من الشيخ المفيد الا ان عاود الجلوس على منبر الفتيا.
وايضا رسالة الامام المهدي للشيخ المفيد حيث ورد ذلك في الاحتجاج للطبرسي عن الامام المهدي برسالته للشيخ المذكور :
للأخ السديد، والولي الرشيد، الشيخ المفيد، أبي عبد الله محمد بن محمد بن النعمان أدام الله إعزازه، من مستودع العهد المأخوذ على العباد.
بسم الله الرحمن الرحيم أما بعد: سلام عليك أيها الولي المخلص في الدين، المخصوص فينا باليقين فإنا نحمد إليك الله الذي لا إله إلا هو، ونسأله الصلاة على سيدنا ومولانا ونبينا محمد وآله الطاهرين، ونعلمك - أدام الله توفيقك لنصرة الحق، وأجزل مثوبتك على نطقك عنا بالصدق -: أنه قد أذن لنا في تشريفك بالمكاتبة، وتكليفك ما تؤديه عنا إلى موالينا قبلك، أعزهم الله بطاعته، وكفاهم المهم برعايته لهم وحراسته، فقف أيدك الله بعونه على أعدائه المارقين من دينه على ما أذكره، وأعمل في تأديته إلى من تسكن إليه بما نرسمه إن شاء الله.
نحن وإن كنا ناوين بمكاننا النائي عن مساكن الظالمين، حسب الذي أراناه الله تعالى لنا من الصلاح ولشيعتنا المؤمنين في ذلك ما دامت دولة الدنيا للفاسقين، فإنا نحيط علما بأنبائكم، ولا يعزب عنا شئ من أخباركم، ومعرفتنا بالذل الذي أصابكم مذ جنح كثير منكم إلى ما كان السلف الصالح عنه شاسعا، ونبذوا العهد المأخوذ وراء ظهورهم كأنهم لا يعلمون.
بسم الله الرحمن الرحيم أما بعد: سلام عليك أيها الولي المخلص في الدين، المخصوص فينا باليقين فإنا نحمد إليك الله الذي لا إله إلا هو، ونسأله الصلاة على سيدنا ومولانا ونبينا محمد وآله الطاهرين، ونعلمك - أدام الله توفيقك لنصرة الحق، وأجزل مثوبتك على نطقك عنا بالصدق -: أنه قد أذن لنا في تشريفك بالمكاتبة، وتكليفك ما تؤديه عنا إلى موالينا قبلك، أعزهم الله بطاعته، وكفاهم المهم برعايته لهم وحراسته، فقف أيدك الله بعونه على أعدائه المارقين من دينه على ما أذكره، وأعمل في تأديته إلى من تسكن إليه بما نرسمه إن شاء الله.
نحن وإن كنا ناوين بمكاننا النائي عن مساكن الظالمين، حسب الذي أراناه الله تعالى لنا من الصلاح ولشيعتنا المؤمنين في ذلك ما دامت دولة الدنيا للفاسقين، فإنا نحيط علما بأنبائكم، ولا يعزب عنا شئ من أخباركم، ومعرفتنا بالذل الذي أصابكم مذ جنح كثير منكم إلى ما كان السلف الصالح عنه شاسعا، ونبذوا العهد المأخوذ وراء ظهورهم كأنهم لا يعلمون.
أنا غير مهملين لمراعاتكم، ولا ناسين لذكركم، ولولا ذلك لنزل بكم اللأواء (1) أو اصطلمكم الأعداء (2) فاتقوا الله جل جلاله وظاهرونا على انتياشكم (3) من فتنة قد أنافت عليكم (4) يهلك فيها من حم أجله (5) ويحمى عنها من أدرك أمله، وهي أمارة لأزوف حركتنا (6) ومباثتكم بأمرنا ونهينا، والله متم نوره ولو كره المشركون.
إلى آخر الرسالة وهنالك ايضا رسائل اخرى من الامام للشيخ المفيد تبين اهتمام الامام المهدي عجل الله فرجه بالفقيه المجتهد لانه نائب له ولأنه نائب للإمام عليه السلام ويتولى ما يتولاه الا ما اخرجه الدليل
وبعد وفاة الشيخ المفيد تصدى للزعامة الشريف المرتضى واما دوره السياسي تقلد امارة الحج والحرمين وولاية المظلم وقضاء القضاة لمدة تجاوزت الثلاثين عاماً
لذلك نكتشف ان الذين سبق المحقق الكركي بتطبيق ولاية الفقيه في زمن الغيبة هو الشريف المرتضى قدس وقد بين ذلك في كلامه عنوان العمل مع السلطان وذلك في رسائله حيث قال :
:فالولاية من قبل السلطان المحق العادل لا مسألة عنها، لأنها جائزة، بل ربما كانت واجبة
الى ان يقول وهو يحدد صفات المتولي ويذكره بصيغة العالم وهو الفقيه من قبل السلطان الظالم يقول قدس في نفس الكتاب :و لم يزل الصالحون و العلماء يتولون في أزمان مختلفة من قبل الظلمة لبعض الأسباب التي ذكرناها، و التولي، من قبل الظلمة إذا كان فيه ما يحسنه مما تقدم ذكره، فهو على الظاهر من قبل الظالم، و في الباطن من قبل أئمة الحق، لأنهم إذا أذنوا في هذه الولاية عند الشروط التي ذكرناها فتولاها بأمرهم فهو على الحقيقة وال من قبلهم و متصرف
[[اقول]] فاذا كان الفقيه المنصوب من قبل السلطان الظالم للولاية هو بالحقيقة منصب من قبل ائمة اهل البيت ع حسب قول الشريف المرتضى قدس فكيف اذا كان مبسوط اليد وقائد ثورة وصاحب دولة والسلطة بيده؟
فهذه كل المؤشرات تدل ان الشريف المرتضى قدس يقول بولاية الفقيه سواء كان الفقيه منصبا من قبل سلطان عادل او من قبل سلطان ظالم لانه بالحقيقة منصب من قبل الامام المعصوم روحي له الفداء
وبعده تصدى للقيادة الشيخ الطوسي قدس ومن نشاطه الاجتماعي لما أُعجب به الخليفة العباسي القائم بأمر الله ، جعل له كرسيَّ الكلام والإفادة، الذي لم يسمح به يومذاك إلا لوحيد العصر في علومه الشيخ الطوسي وبعدما وقع هجوم الأتراك السلاجقة وسقطت بغداد ووقوع الفتنة بين السنة والشيعة
في تلك السنة التي كُبست دار الطوسيّ ونُهبت وأُحرقت مكتبته وكرسيّه، قرر الرحيل اتّقاء الفتنة الزاحفة، فهاجر إلى مشهد علي بن أبي طالب في النجف، فأنشأ هناك جامعة علميّة كبرى، حتّى أصبحت المدينة عاصمةً للعلم ومركزاً للعلماء، فاتّجه العلماء إليها ليتخرّج منها آلاف من أعاظم الفقهاء ونوابغ المتكلمين وأفاضل المفسّرين واللغويّين والمؤرّخين والبارعين، وتُسمى تلك الجامعة اليوم بالحوزة العلمية.
هذه إنجازات القيادة الشرعية المتمثلة بالشيخ الطوسي قدس واما تصريحه بالولاية للفقيه فقد صرح بذلك قال شيخ الطائفة الطوسي قدس في النهاية ونكتها : ويجوزٌ لفقهاء أهل الحق أن يُجمّعوا بالناس الصلوات كلّهاء وصلاة
الجمعة والعيدين ويخطبون الخطبتين؛ ويصلون بهم صلاة الكسوف مالم يخافوا في ذلك ضرراً. فإن خافوا في ذلك الضرر لم يجز لهم التعرّض لذلك على حال.
ومن تولّى ولاية من قبل ظالم في إقامة حدّ أوتنفيذ حكمء فليعتقد أنه متولٌ لذلك من جهة سلطان الحق” وليقم به على ماتقتضيه شريعة الإيمان.
[[اقول]] قوله قدس : متولٌ لذلك من جهة سلطان الحق”
اشارة الى الامام المعصوم كون الفقيه منصبا من قبله عليه السلام وكما قلنا للفقيه ثلاثة مناصب هي الولاية والقضاء والافتاء وهذه مناصبه الثلاثة
فاذا كان الفقيه متوليا من قبل الظالم ومبسوط اليد وهو منصب بالحقيقة من الامام المعصوم للولاية فكيف اذا كان صاحب دولة وثورة دينية ورأس الهرم في السلطة فيثبت ان الفقيه نائب للامام ع وان ولايته هي بالحقيقة مستمدة من الامام الحجة عجل الله فرجه وكما صرح بذلك الشيخ الطوسي
2-[[القيادة الشرعية ما بعد الشيخ الطوسي]]
نذكر ايضا نبذة من الفقهاء الكبار السابقين العلامة ابن مطهر الحلي قدس وله اقوال كثيرة في الولاية للفقيه منها ما قاله في مختلف الشيعة [[وما رواه عمر بن حنظلة، عن الصادق - عليه السلام - إلى أن قال: انظروا إلى من كان منكم قد روى حديثنا ونظر في حلالنا وحرامنا وعرف أحكامنا فليرضوا به حكما فإني قد جعلته عليكم حاكما، فإذا حكم بحكمنا فلم يقبل منه فإنما بحكم الله استخف وعلينا رد، والراد علينا راد على الله تعالى ورسوله، وهو على حد الشرك بالله عز وجل (1). وغير ذلك من الأحاديث (2) الدالة على تسويغ الحكم للفقهاء، وهو عام في إقامة الحدود وغيرها.]]
وقال قدس في نهاية الاحكام :
[[ولو تعذّر الإمام عليه السلام، فالأولى صرفها إلى الفقيه المأمون، وكذا حال الغيبة، لأنّه أعرف بمواقعها، ولأنّه نائب الإمام عليه السلام، فكان له ولاية ما يتولاّه ]]
هذا قوله اما شبه تطبيقه ببركة زعامته وقيادته الشرعية تشيعت ايران وحديث نصرته لمذهب الحق في بلاط السلطان محمد الجايتو خان الملقب بشاه خدا بنده في سنة ٧٠٨ مشهور وسببه تشيع السلطان المذكور ومن حينه انتشر المذهب في إيران وأمر السلطان بتغيير الخطبة في تمام ممالكه وتغيير نقوش السكة ونقش الأسامي المباركة عليها والاذان بحي على خير العمل وكل ذلك ببركة القيادة الشرعية المتمثلة بالعلامة الحلي رحمه الله.
هذه ولاية الفقيه والقيادة الشرعية وسبب عدم انقراض المذهب بسبب وجود الفقيه
ومن العلماء الكبار ممن صرح بالولاية وطبقها وتمثل بالقيادة الشرعية المحقق الكركي
حيث يقول المحقق الكركي قدس في الرسائل [[اتفق أصحابنا (رضوان اللّه عليهم) على أن الفقيه العدل الإمامي الجامع لشرائط الفتوى، المعبر عنه بالمجتهد في الأحكام الشرعية نائب من قبل أئمة الهدى (صلوات اللّه و سلامه عليهم) في حال الغيبة في جميع ما للنيابة فيه مدخل- و ربما استثنى الأصحاب القتل و الحدود مطلقا- فيجب التحاكم اليه، و الانقياد الى حكمه، و له أن يبع مال الممتنع من أداء الحق ان احتيج اليه، و يلي أموال الغياب و الأطفال و السفهاء و المفلسين، و يتصرف على المحجور عليهم، الى آخر ما يثبت للحاكم المنصوب من قبل الامام (عليه السلام) ]]
وقال ايضا قدس في نفس المصدر [[والمقصود من هذا الحديث هنا: أن الفقيه الموصوف بالأوصاف المعينة، منصوب من قبل أئمتنا عليهم السلام، نائب عنهم في جميع ما للنيابة فيه مدخل بمقتضى قوله: " فإني قد جعلته عليكم حاكما "، وهذه استنابة على وجه كلي.]]
اما تطبيقه لولاية الفقيه فقد طبقها عندما تصدى للولاية بإقامة نظام ديني وأصبح قائدا شرعيا حيث جعل الشاه الصفوي امور المملكة بيده يقول صاحب الحدائق البحراني في كتابه لؤلؤة البحرين عند تعرضه لترجمة المحقق الكركي [[وكان من علماء دولة الشاه طهماسب الصفوي، جعل أمور المملكة بيده، وكتب رقما إلى جميع الممالك بامتثال ما يأمر به الشيخ المذكور وإن أصل الملك إنما هو له، لأنه نائب الإمام (عليه السلام)، فكان الشيخ يكتب إلى جميع البلدان كتبا بدستور العمل في الخراج، وما ينبغي تدبيره في شؤون الرعية...) (2).]]
ونقل المحقق صاحب الحدائق مقولة الشاه طهماسب للمحقق الكركي قوله [[انت احق بالملك لأنك نائب عن الامام عليه السلام وانما اكون من عمالك اقوم بأوامرك ونواهيك]]
[[اقول]] وبذلك يتبين ان الامام الخميني رضي الله عنه ليس اول فقيه في زمن الغيبة تصدى للولاية العامة المطلقة فقد سبقه الى ذلك المحقق الكركي قدس فلاحظ
ومن العلماء الذين تصدى للقيادة الشرعية وأصبح قائدا شرعيا الشيخ البهائي
اما رأيه لم نعثر له على رأي له بهذا الامر وللأسف ولكن الذي يطمأن قوله بولاية الفقيه المطلقة هو انه طبقها واصبح شيخ الاسلام في عهد الصفويين حيث قال السيد محسن الامين قدس في اعيان الشيعةفي ترجمة الشيخ البهائي [[مركزه في الدولة يقول المنشي في كتابه عالم ارا عباسي تقلد الشيخ منصب شيخ الاسلام في أصفهان زمن الشاه عباس الكبير]]
ومن الذين تصدوا للقيادة الشرعية في زمن الغيبة وطبقوها شيخ الإسلام المجلسي قدس صاحب البحار اما رأيه قد تعرضنا مرارا لرأيه ولا بأس بتكرار كلامه للفائدة قال العلامة المجلسي قدس وهو يشرح مقبولة عمر بن حنظلة يقول العلامة قدس : قوله عليهالسلام فإني قد جعلته عليكم حاكما : استدل به على أنه نائب الإمام في كل أمر إلا ما أحوجه الدليل ، ولا يخلو من إشكال ،]]
الى ان يقول قدس [[ومنها : أن الضرورة ماسة بحكومة الفقيه أما عند الغيبة فظاهر]]
اما تطبيقه فقد قام بتطبيق ولاية الفقيه العامة وهو تصديه لاقامة حكومة دينية وهو الذي كان يديرها في زمن الصفويين قال صاحب الحدائق في لؤلؤة البحرين وهو يتعرض لترجمة العلامة المجلسي يقول[[وهذا الشيخ كان اماما في وقته في علم الحديث وسائر العلوم شيخ الاسلام بدار السلطنة اصفهان رئيسا فيها بالرئاستين الدينية والدنيوية اماما في الجمعة والجماعة]]
الى ان يقول صاحب الحدائق [[مضافا الى تصلبه في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وبسط يد الجود والكرم لكل من قصد وأم وقد كانت مملكة الشاه سلطان حسين لمزيد من خموله وقلة تدبيره للملك محروسة بوجود شيخنا المذكور]]
وهذا يبين لنا ان الامام الخميني رضوان الله عليه ليس اول فقيه طبق نظام حكم الفقيه ونظام الحكومة الدينية القيادة الشرعية بل سبقه الى تطبيقها جملة من فقهائنا الكبار كما مر
3-[[القيادة الشرعية المتمثلة بالامام الاكبر كاشف الغطاء]]
ولابد لنا إن لا ننسى تصدي القيادة الشرعية المتمثلة بالامام الاكبر جعفر كاشف الغطاء الذي كان قبل الامام الشيرازي وقبل الشيخ الانصاري وقبل صاحب الجواهر كان المرجع الاعلى للشيعة القائد الشرعي الذي استطاع المحافظة على النجف الاشرف حيث ورد في
كتابِ (منهجِ الرشادِ لمَن أرادَ السدادَ للشيخِ جعفرٍ كاشفِ الغطاء)، إذ جاءَ في الصفحةِ 510 وما بعدَها ما يلي: لقد كانَ الشيخُ كاشفُ الغطاءِ مُدركاً المُتغيّراتِ السياسيّة، والصّراعَ القائمَ بينَ القوى المُتنازعةِ على الخليجِ فحاولَ أن يُظهرَ النجفَ مركزاً مُستقلّاً عن مدارِ صراعاتِ دولِ المنطقة، وأن يجنّبَ المرجعيّةَ الدينيّةَ العُليا منَ الدخولِ في هذا الصّراع. ومِن هُنا يمكنُ تفسيرُ العلاقةِ الوديّةِ التي أقامَها معَ شيخِ الوهابيّةِ بالمُكاتبةِ مرّةً، وبتقديمِ الهدايا مرّةً أخرى، ونجاحُه في حفظِ الكيانِ الشيعيّ بعيداً عن المُتغيّراتِ السياسيّةِ التي شهدَتها المنطقة. وبمقدارِ النجاحِ الذي حقّقَه كاشفُ الغطاءِ معَ الشيخِ عبدِ الوهاب، فإنّهُ أرادَ أن ينحو المنحى نفسَه معَ وريثِه الأميرِ عبدِ العزيزِ بنِ سعود، وهوَ وإن نجحَ في تحييدِه قرابةَ العقدِ منَ الزمنِ إلّا أنَّ ذلكَ لم يمنَع ابنَ سعود مِن غزوِ مدينةِ كربلاء المُقدّسةِ عامَ 1216 ه، ونهبَ (الكنوزِ) المودعةِ في حرمِ الإمامِ الحُسينِ بنِ عليّ عليهِ السلام، وقتلِ أهالي البلدةِ قتلةً مأساويّةً شنعاء. إنَّ الهجومَ الوهابيَّ على (كربلاء) عامَ 1216 ه لم يكُن مُستهدفاً الشيعةَ بمقدارِ ما كانَ يهدفُ إلى إحلالِ الفوضى في الامبراطوريّةِ العُثمانيّة، وتهديدِ سلامتِها وسرقةِ الخزائنِ التي ملأها ملوكُ الهندِ والفرسِ بنفائسِ الجواهرِ في النجفِ وكربلاء. وبعدَ واقعةِ كربلاء عام 1216 ه / 1801 م أحسَّ كاشفُ الغطاءِ بضرورةِ تحصينِ النجف، وتعبئةِ الأهالي للدفاعِ عنها. فتهيّأت لذلكَ مراكزُ تدريبٍ قتاليّة خارجَ البلدةِ يشرفُ عليها كاشفُ الغطاءِ بنفسِه. كما تمَّ تعيينُ عددٍ منَ المُقاتلينَ للحراسةِ، وتنظيمُ المجاميعِ الأخرى للتصدّي للغزوِ الخارجيّ مِن وراءِ الأسوار. وقد فشلَت جميعُ الهجماتِ الوهابيّةِ الخمسةِ التي تكرّرَت على النجفِ والتي كانَ أعنفُها الهجمةُ التي حدثَت أواخرَ عام 1218 ه / 1803 م حيثُ دافعَ النجفيّونَ دفاعاً عنيفاً، ولم تستطِع القوّةُ الغازيةُ مِن اقتحامِ المدينة. وفي عامِ 1221 ه / 1806 م تعرّضَت النجفُ لغارةِ مُفاجئةً إلّا أنَّ ثقةَ النجفيّينَ بمُمارساتِهم القتاليّةِ وتحصنّهم بالأسوارِ والأسلحةِ جعلَهم يتغلّبونَ هذهِ المرّةُ على القوّةِ المُهاجمةِ بسهولة. (منهجُ الرشاد) - النسخةُ الخطيّةُ وهيَ نسخةٌ مكتوبةٌ في حياةِ المؤلّف، وقريبةٌ لزمنِ التأليفِ كتبِها العلّامةُ الشيخُ قاسم الدلبزي سنة 1210 ه / 1795 م، وعليها تعليقٌ له
ومن أقواله في صلاحيات الفقيه قال في كتابه كشف الغطاء :
[أحدها انه يشترط في الجهاد بالمعنى الأخير وهو ما أريد به الجلب إلى الاسلام حضور الامام أو نائبه الخاص دون العام ولا يشترط في الأقسام الأربعة المتقدمة ذلك فان الحكم فيها انه ان حضر الامام ووسدت له الوسادة توقف على قيامه أو قيام نائبه الخاص وان حضر ولم يتمكن أو كان غائبا وقام مقام النائب العام من المجتهدين الأفضل فالأفضل فهو أولي وان عجز المجتهدون عن القيام به وجب على كل من له قابلية السياسة وتدبير الحروب وجمع العساكر إذا توقف الامر على ذلك القيام به وتجب على المسلمين طاعته كما تجب عليهم طاعة المجتهدين في الاحكام ومن عصاه فكأنما عصى الامام]
وقد طبق ايضا ولاية الفقيه بإعطاء الصلاحية للحاكم المتصدي وانه مأذون منه بالتصدي وقد ورد ذلك في سيرته بكتابه كشف الغطاء حيث قال صاحب المقدمة في الكتاب :
إذنه لفتح عليّ شاه القاجاري في أمر الدفاع عن حوزة الإسلام والمسلمين ، والذي اقتضاه أمور حدثت في عصره كثورة فرنسا الكبرى وهجوم نابليون ووقوع الحروب بين تزار روسيا وإيران واستحلالها مناطق من بلاد القفقاز ، ومقاصدها التوسّعيّة ، استباق فرنسا والإنجليز إلى التسرّب في دولة إيران والتحرّكات الداخليّة تجاه الدولة المركزيّة ، من ناحية بقايا الحكومات الأفشاريّة والزنديّة وأبناء ملوك القاجار ، وتلف النفوس ، وهتك الأعراض في الحروب الداخليّة وغير ذلك [1] .
ولأجل هذه الأُمور وغيرها أذِنَ الشيخ لفتح علي شاه وقوّى موضعه في أمر الدفاع ، رعايةً لمصلحة المسلمين العامّة ، وكتب له الإجازة الموجودة في كتاب الجهاد من كشف الغطاء .
وهاك عمدة مواضع :
1 - الإذن في إدارة الجيش وتدبيره وتقوية الحكومة من حيث العِدّة والعُدّة للدفاع عن أراضي المسلمين وأعراضهم .
2 - وجوب إطاعة السلطان في ذلك حيث أنّه مأذون من قبل الحاكم الشرعي والفقيه الجامع للشرائط .
3 - توصية السلطان وعمّال الحكومة برعاية التقوى والعدل والمساواة والشفقة ، وأن يكونوا للرعيّة كالأب الرؤوف والأخ العطوف .
4 - لزوم حفظ الأسرار وعدم إذاعتها للأغيار .
5 - توظيف المعلَّمين لتعليم الصلاة ومسائل الحلال والحرام وأحكام العبادات ليجعلوا الجيش في زمرة حزب اللَّه .
6 - إقامة الشعائر الإسلاميّة ، وتعيين المؤذّنين ، وأئمّة الجماعات والمحافظة على الصلاة والصيام في جيش المسلمين .
7 - نصب الوعّاظ العارفين باللغة الفارسيّة والتركيّة في صفوف الجيش ، للوعظ وترويج مفهوم الشهادة في سبيل اللَّه تعالى .
8 - وجوب قيام المجتهدين في مقام الجهاد الدفاعي عن حوزة الإسلام والمسلمين .
وهنا يتبين ان القيادة الشرعية المتمثلة بالامام كاشف الغطاء قد طبقت ولاية الفقيه و تدخلت بالسياسة والأمور الاجتماعية ولكن ما ان حدثت ثورة التنباك وتمت محاربة هذه العقيدة المباركة عقيدة ولاية الفقيه كما سنبين ذلك في مبحث قادم
4-[[مصطلح القيادة ولاية الفقيه لها تاريخ قديم في حوزة النجف]]
ومن العلماء الذين كتب في قضية ولاية الفقيه ومن روجها وصرح بها المولى النراقي يعد المولى احمد النراقي قدس من كبار علمائنا الكرام من اوائل من كتبوا في ولاية الفقيه المطلقة في كتاب مفصل اسماه ولاية الفقيه وبين مساحة الفقيه من عموم الولاية وان كل ما لرسول الله ص وما للامام ع فهو للفقيه الا ما اخرجه الدليل ونريد ان نبين ان كلمة ما للرسول ص وما للامام ع فهو للفقيه ليس اول من قالها النراقي بل سبقه اليها المجلسي والكركي وهما من كبار علمائنا ونحب ان نبين ان المولى النراقي حيث بعد تصديه للمرجعية ذهب الى النجف الاشرف ويعد عندها من كبار علماء النجف الذي كتب كتاب خاص في ولاية الفقيه وكان من كبار تلامذته الشيخ الاعظم الانصاري قدس الذي صرح بولاية الفقيه العامة كما اثبتنا ذلك من كتبه ومؤلفاته وبذلك يثبت ان الامام الخميني صلوات ربي وسلامه عليه ليس اول فقيه كتب مؤلف مفصل خاص بولاية الفقيه بل سبقه اليه من اساطين علمائنا ومن مقدمة هؤلاء المولى النراقي قدس بالرغم ان هنالك علماء من سبق من سبق النراقي في بحوث حول ولاية الفقيه المطلقة في رسالاتهم العملية او في كتبهم الا ان النراقي يعد من البارزين الاوائل الذين طرحوا ولاية الفقيه المطلقة بشكل مفصل بمؤلف خاص
واليكم نبذة من كلماته حيث قال في كتابه ولاية الفقيه :
[[" إن كلية ما للفقيه العادل توليه وله الولاية فيه أمران:
أحدهما: كل ما كان للنبي (صلى الله عليه وآله وسلم) والامام، الذين هم سلاطين الأنام وحصون الإسلام، فيه الولاية وكان لهم فللفقيه أيضا ذلك الا ما أخرجه الدليل من اجماع أو نص أو غيرهما.
وثانيهما: ان كل فعل متعلق بأمور العباد في دينهم أو دنياهم، ولابد من الإتيان به]]
ونأخذ ايضا شرح بسيط من كلامه وهو يبين مراد ولاية الفقيه التي يقول بها حيث قال في كتابه عوائد الايام:
[[وان اردت توضيح ذلك فانظر الى انه لو كان حاكم أو سلطان في ناحية واراد المسافرة الى ناحية اخرى وقال في حق شخص بعض ما ذكر فضلا عن جميعه فقال فلان خليفتي وبمنزلتي ومثلى واميني والكافل لرعيتي والحاكم من جانبى وحجتي عليكم والمرجع في جميع الحوادث لكم وعلى يده مجارى اموركم واحكامكم فهل يبقى لاحد شك في ان له فعل كل ما كان للسلطان في امور رعية تلك الناحية الا ما استثناه]]
وطبعا يوجد شرح كامل له وهو يشرح مقصود ولاية الفقيه ولكن احببنا ان نأخذ شرح مختصر له لضيق الوقت
ومن العلماء ممن صرح بالولاية العامة للفقيه وهو مرجع النجف الاشرف الشيخ محمد حسن النجفي المعروف بصاحب الجواهر وهو ايضا من اساتذة الشيخ الاعظم الانصاري حيث قال في جواهر الكلام :
[[بل القطع بأولوية الفقيه منهما في ذلك بعد أن جعله الإمام عليه السلام حاكما وخليفة، وبأن الضرورة قاضية بذلك في قبض الحقوق العامة والولايات ونحوها بعد تشديدهم في النهي عن الرجوع إلى قضاة الجور وعلمائهم وحكامهم،]]
الى ان يقول قدس بالمقولة المشهور عنه [[فمن الغريب وسوسة بعض الناس في ذلك، بل كأنه ما ذاق من طعم الفقه شيئا، ولا فهم من لحن قولهم ورموزهم أمرا، ولا تأمل المراد من قولهم إني جعلته عليكم حاكما وقاضيا وحجة وخليفة ونحو ذلك مما يظهر منه إرادة نظم زمان الغيبة لشيعتهم في كثير من الأمور الراجعة إليهم، ولذا جزم فيما سمعته من المراسم بتفويضهم عليهم السلام لهم في ذلك]] (³)
وهنا يبين ان من لا يقول بولاية الفقيه لم يذق طعم الفقه ابدا
ويقول ايضا في شرح المكاتبة الشريفة اسحاق بن يعقوب وهو يبين دلالتها على الولاية المطلقة للفقيه :
[[ويمكن بناء ذلك ـ بل لعله الظاهر ـ على إرادة النصب العام في كل شيء على وجه يكون له ما للإمام عليهالسلام كما هو مقتضى قوله عليهالسلام [٢] : « فاني جعلته حاكما » أي وليا متصرفا في القضاء وغيره من الولايات ونحوها.
بل هو مقتضى قول صاحب الزمان روحي له الفداء [٣] : « وأما الحوادث الواقعة فارجعوا فيها إلى رواة أحاديثنا ، فإنهم حجتي عليكم ، وأنا حجة الله » ضرورة كون المراد منه أنهم حجتي عليكم في جميع ما أنا فيه حجة الله عليكم إلا ما خرج ،]]
انتهى كلامه دام ظله وهذه نبذة من أقوال صاحب الجواهر قدس
ومن القائلين بالولاية المطلقة من كبار علماء النجف الشيخ الاعظم الأنصاري قدس حيث قال في المكاسب :
[[أمّا وجوب الرجوع إلى الفقيه في الأُمور المذكورة، فيدلّ عليه مضافاً إلى ما يستفاد من جعله حاكماً، كما في مقبولة ابن حنظلة، الظاهرة في كونه كسائر الحكّام المنصوبة في زمان النبيّ (صلّى اللّه عليه و آله و سلم) و الصحابة في إلزام الناس بإرجاع الأُمور المذكورة إليه، و الانتهاء فيها إلى نظره، بل المتبادر عرفاً من نصب السلطان حاكماً وجوب الرجوع في الأُمور العامّة المطلوبة للسلطان إليه، و إلى ما تقدّم من قوله (عليه السلام): «مجاري الأُمور بيد العلماء باللّه الامناء على حلاله و حرامه» [2]-
التوقيع [1] المروي في إكمال الدين [2] و كتاب الغيبة [3] و احتجاج الطبرسي [4] الوارد في جواب مسائل إسحاق بن يعقوب، التي ذكر أنّي [5] سألت العمري رضي اللّه عنه أن يوصل لي [6] إلى الصاحب (عجّل اللّه فرجه) كتاباً [7] فيه تلك المسائل التي قد أشكلت عليّ، فورد الجواب [8] بخطّه عليه آلاف الصلاة و السلام في أجوبتها، و فيها: «و أمّا الحوادث الواقعة فارجعوا فيها إلى رواة حديثنا؛ فإنّهم حجّتي عليكم و أنا حجّة اللّه».
فإنّ المراد ب«الحوادث» ظاهراً: مطلق الأُمور التي لا بدّ من الرجوع فيها عرفاً أو عقلًا أو شرعاً إلى الرئيس، مثل النظر في أموال القاصرين لغيبةٍ أو موتٍ أو صغرٍ أو سَفَهٍ.
و أمّا تخصيصها بخصوص المسائل الشرعيّة، فبعيد]]
وهناك قول مفصل يبين ان الشيخ الانصاري يقول بالولاية المطلقة للفقيه ولكن لا يسعنا ذكرها لضيق الوقت وهذه من الشواهد تبين ان عقيدة ولاية الفقيه نفسها نجفي ولكن بعض اهل الدكاكين وخدمة للاستكبار العالمي يحرفون المطالب عن موضعها و يدعون كذبا ان مراجع النجف لا يقولون بها ولكن ما طرحناه ينسف كذبهم وان شاء الله في المحاضرة القادمة سنكشف لكم تطبيق مزيد من الفقهاء للقيادة الشرعية المتمثلة بولاية الفقيه وصولا الى الثورة الاسلامية المتمثلة بالامام الخميني العظيم وهذا والحمد لله رب العالمين وصلى الله على الجد المصطفى محمد وعلى آله الطيبين الطاهرين ولعنة الله على اعدائهم اجمعين .
كتبه وحرره انصار الكرار بتاريخ ١/رمضان/١٤٤٥ هجريا