ومضات معرفية عن الامامة الالهية والغديرية العلوية
بقلم سماحة الشيخ اسد قصير (حفظه الله)..
اولا: ان الامامة لها حقيقة باطنية وجودية ونورانية وغيبية ملكوتية ادنی شؤؤنها الولاية التكوينية
وهذا الحقيقة لا يدركها بكمالها إلا من هم الاكمل وجودا، أي محمد وآل محمد صلوات الله وسلامه عليهم( يا علي لا يعرفني إلا الله وانت ولا يعرفك إلا الله وانا).
واما حظ ما عداهم من معرفتها فهو ليس الا ومضات وان كان من اعظم العرفاء( امرنا صعب مستصعب لا يدركه إلا نبي مرسل أو عبد امتحن الله قلبه بالإيمان)، واما امثالي فليس لهم إلا المعرفة الاسمية، وما اوتيت من المعرفة المعنوية إلا نزرا يسيرا.
وللامامة حقيقة ظاهرية وهي انه جعل واصطفاء الهي وتطهير عصماني وعلم رباني وهم الهداة والحجة والقدوة ولهم الطاعة والولاية وغيرها من الصفات والمقامات والفضائل وادنی شؤؤن الامامة الظاهرية هو الولاية السياسية
والخلافة في الحكم،
فالحاكمية لله تعالی، ومنه للنبي ص، ومن بعده الامام، فهي شأن من شؤؤنها متوقفة علی تحقق الطاعة والقبول من الناس، فاذا لم يتحقق ذلك ولم تتحول الشأنية إلى الفعلية فلا يٶثر في جعلها من قبل الله تعالی، وانتزاع. غير الإمام المنصب من الله تعالی الحكم لا ينقص من امامة الامام المجعول من الله سبحانه، فالامام هو امام بجعل الهي، حكم ام لم يحكم، وهو ولي الله، تولى الحكم ام لا كالنبي والنبوة، فابراهيم عليه السلام وعلى نبينا واله كان اماما ولم يحكم طوال عمره وهذا النبي الاعظم والامام الاكبر محمد صلى الله عليه واله لم يحكم في مكة المكرمة وكان نبيا واماما،
لان الحكومة الفعلية متوقفة على تمكين الناس، ولا تتنجز وظيفتها على الإمام إلا إذا كانت يده مبسوطة، لانه لا تقام العدالة إلا بمعية الناس للامام(ليقوم الناس بالقسط).
والمسلم مسٶوليته الايمان بالامامة الظاهرية والاعتقاد بها، وهي عقيدة وحقيقة قرآنية وابراهيمية، وليس واجبا عليه الإيمان بالحقيقة الباطنية والمعنوية للامامة.ولمعرفة الحقيقة الظاهرية وبعض الحقيقة الباطنية للامامة راجع الزيارة الجامعة
واما ما جرى في اليوم المشهود وهو الغدير فهو امران مهمان:
الاول: ان النبي صلى الله عليه واله بلغ الامامة الكبرى، واعني الظاهرية فقال رسول الله صلى الله عليه واله أن اهل البيت عليهم السلام هم خلفاؤه في الدين وشركاء القرآن الكريم، وهم الحجة والهداة، وهم القائمون بالامر والولاة بعد النبي صلى الله عليه واله، والدليل على ذلك انه كان قد بدأ خطبة الغدير بحديث الثقلين كما فعل في خطبة الوداع، بل ان بيان وتبليغ الامامة بدأه النبي صلى الله عليه واله من اول يوم البعثة من حديث الدار وطوال عشرين سنة ونيف وهو يكرره على مسامع المسلمين بأحاديث متنوعة وبمناسبات مختلفة، وكان يتلو عليهم ايات الاصطفاء والطهارة والمباهلة والولاية وغيرها
ولهذا كل من أمن بالقرآن والنبوة امن واستيقن بامامة
آل محمد صلوات الله عليهم، فمن صاحب النبي كان لا يفصل بين ايمانه بالتوحيد وبمحمد وآل محمد كبيت للنبوة وان آل محمد ائمة بالمعنى العام للامامة وانهم خلفاؤه في الرسالة
والنبي صلى الله عليه واله اكد على الامامة العامة في خطبة الوداع، وآخرها خطبة الغدير.
الامر الثاني: أن النبي صلى الله عليه واله عمد في يوم الغدير الی تعيين المصداق بالاسم والشخص بمشهد ومرأی عامة المسلمين،
فقال صلى الله عليه واله:( من كنت مولاه فهذا علي مولاه)، أي أن الله تعالی امرني ان ابلغكم ان عليا هو الحكم بعدي وخليفتي في الحكم
ومن هنا تعلم أن ما ذكره النبي ص في الغدير ليس حديث الولاية فحسب بل كان قبله حديث الثقلين وهو اعظم واهم (راجع صحيح مسلم)
وايضا تعلم مما تقدم ان قول النبي صلی الله عليه واله:( من كنت مولاه فهذا علي مولاه) يدل على مصداق الحاكم الشرعي بعد النبي ص، وليس المراد منه الامامة الكبرى
وما حصل في السقيفة لم يكن غصبا للامامة المجعولة من الله تعالی، لان هذا جعل من الله، وهي حقيقة وجودية لا يمكن لاحد أن يسلبها ويتقمصها باي حال من الاحوال.
نعم تقمصوا الحكومة والخلافة السياسية أي أن الناس لم تمكن الامام من الحكم بل مكنت غيره وبالتالي سقط الوظيفة التي جعلها له ومن صلاحياته وشأنه
والغدير خارج تخصصا عن بيان حقيقة الامامة الباطنية فلا معنى للقول لم يحصل تنصيب لها
لان النبي صلى الله عليه واله كان مامورا بتبليغ الامامة الظاهرية في الغدير وتنصيب عليا كمصداق للحاكم به وقد فعل والا لم يبلغ رسالته
ففي الغدير كان التبليغ الاخير للامامة وتبليغ المصداق الاول للحاكم بعد النبي صلى الله عليه واله وهو الامام علي عليه الصلاةو السلام