السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
من خلال الاطلاع على بحوثكم علمنا انه تم الرد علي الروايتين اللتان تصرحان ان المسجد الاقصى هو البيت المعمور في السماء وذلك ببيان سند ضعفهما وايضا بينتم بروايات صحيحة السند ان المسجد الاقصى والمسجد الذي اسري اليه رسول الله ص هو بيت المقدس في فلسطين ولكن هنالك رواية ثالثة تصرح ان المسجد الاقصى هو في السماء وهو البيت المعمور فقد روى السيد ابن طاووس قدس في اليقين قال حدثنا أحمد بن إدريس قال: حدثنا أحمد بن محمد بن عيسى قال: حدثنا الحسين بن سعيد عن فضالة بن أيوب عن أبي بكر الحضرمي عن أبي عبد الله عليه السلام قال:
بابغغاااااااباببطاطا، الا فقال له أمير المؤمنين عليه السلام: إجلس أخبرك إنشاء الله، إن الله عز وجل يقول في كتابه: * (سبحان الذي أسرى بعبده ليلا من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى الذي باركنا حوله لنريه من آياتنا) *، فكان من آيات الله التي أريها محمد صلى الله عليه وآله أنه انتهى جبرئيل إلى البيت المعمور وهو المسجد الأقصى،فما هو ردكم على هذه الرواية جزاكم الله خيرا ولماذا هذا التعمق بيوم القدس العالمي. ؟
الجواب بسمه تعالى
تقبل الله طاعتنا وطاعتكم.
اما هذه الرواية فهي رواية تفرد بها الحضرمي من ناحية السند فهي ضعيفة بسبب ابو بكر الحضرمي الذي لم يوثقه المتقدمين ولم يذموه فيكون مجهول الحال نعم ورد توثيق من السيد الخوئي بحقه كونه وثق رجال تفسير القمي ولكن مردود لعدة امور
اولا لم يثبت بالدليل وثاقة كل رجال تفسير القمي
ثانيا السيد من المتأخرين و المتقدمين لم ينصوا على الحضرمي بتوثيق ثم روايته لهذه الرواية الشاذة المخالفة للمشهور لا يجعلنا نطمأن بوثاقته ولم يعمل الأصحاب بهذه الرواية ومن ناحية المتن فهي مخالفة لما ورد بعدة طرق وبأسانيد معتبرة بأن النبي ص اسري به الى بيت المقدس وايضا روى السيد ابن طاووس بنفس المصدر بسند اخر ولفظ مشابه لهذا الحديث وفيه كلمة بيت المقدس حيث روى السيد ابن طاووس في كتابه اليقين بسنده عن أبي الصباح الكناني عن جعفر بن محمد (عليهما السلام) قال: أتى رجلٌ أمير المؤمنين (عليه السلام) وهو في مسجد الكوفة قد احتبى بسيفه -فسأله- فقال له عليٌّ صلوات الله عليه: اجلس أُخبرك إنشاء الله، إنَّ الله عزَّ وجل يقول في كتابه: ﴿سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إلى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آَيَاتِنَا﴾ فكان من آيات الله عزَّ وجلَّ التي أراها محمدًا (صلى الله عليه وآله وسلم) أنَّه أتاه جبرئيل (عليه السلام) فاحتمله من مكة فوافى به بيت المقدس في ساعة من الليل، ثم أتاه بالبراق فرفعه إلى السماء ثم إلى البيت المعمور
اقول والحديث وان كان في سنده ضعف الا هنالك طرق اخرى مروية بأسانيد صحيحة تجبر هذه الرواية وهي ان رسول الله ص اسري به الى بيت المقدس ثم بعدها عرج به الى البيت المعمور لا انه اسري به الى مسجد بيت المعمور كما في خبر الحضرمي فيكون خبره احادا واخبار الاحاد لا يؤخذ به لان الروايتين المروية عن سلام الحناط و خبر جابر تصرح ان المسجد الاقصى في السماء دون ذكر انه البيت المعمور بينما خبر الحضرمي يذكر ان المسجد الاقصى هو البيت المعمور وانفرد به بهذا اللفظ فيكون الخبر احادا لا يؤخذ به بينما خبر ابي الصباح الكناني يصرح ان الاسراء الى بيت المقدس ثم بعدها رفعه جبريل الى السماء البيت المعمور
فيكون هذا الخبر الصحيح وهو اسراء رسول الله ص الى بيت المقدس ولا بأس بسرد بعض الروايات من طرق اخرى وصحيحة السند تقوي خبر ابي صباح الكناني الذي يصرح ان الرسول ص اسري به الى بيت المقدس منها :
ما أورده الشيخ الصدوق في الأمالي بسندٍ صحيح عن أبان بن عثمان عن أبي عبد الله جعفر بن محمد الصادق (عليهم السلام)، قال: لما أُسري برسول الله (صلى الله عليه وآله) إلى بيت المقدس حمله جبرئيل على البراق، فأتيا بيت المقدس، وعرض عليه محاريب الأنبياء، وصلَّى بها، وردَّه.
مأورده المجلسي في البحار نقلا عن الكليني في الكافي بسندٍ صحيح إلى أَبِي حَمْزَةَ ثَابِتِ بْنِ دِينَارٍ الثُّمَالِيِّ وأَبِي مَنْصُورٍ عَنْ أَبِي الرَّبِيعِ قَالَ: حَجَجْنَا مَعَ أَبِي جَعْفَرٍ (ع)... الى ان يقول :فَتَلَا أَبُو جَعْفَرٍ (عليه السلام) هَذِه الآيَةَ: ﴿سُبْحانَ الَّذِي أَسْرى بِعَبْدِه لَيْلًا مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ إلى الْمَسْجِدِ الأَقْصَى الَّذِي بارَكْنا حَوْلَه لِنُرِيَه مِنْ آياتِنا﴾ فَكَانَ مِنَ الآيَاتِ الَّتِي أَرَاهَا اللَّهُ تَبَارَكَ وتَعَالَى مُحَمَّدًا (ص) حَيْثُ أَسْرَى بِه إلى بَيْتِ الْمَقْدِسِ
ما أورده المجلسي في البحار عن الكليني في الكافي بسندٍ حسن بل صحيح عَنْ عَبْدِ اللَّه بْنِ يَحْيَى الْكَاهِلِيِّ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّه (ع) فِي قَوْلِ اللَّه عَزَّ وجَلَّ: ﴿وما تُغْنِي الآياتُ والنُّذُرُ عَنْ قَوْمٍ لا يُؤْمِنُونَ﴾([30]) قَالَ: لَمَّا أُسْرِيَ بِرَسُولِ اللَّه (ص) أَتَاه جَبْرَئِيلُ بِالْبُرَاقِ فَرَكِبَهَا فَأَتَى بَيْتَ الْمَقْدِسِ فَلَقِيَ مَنْ لَقِيَ مِنْ إِخْوَانِه مِنَ الأَنْبِيَاءِ (ع)ثُمَّ رَجَعَ فَحَدَّثَ أَصْحَابَه أَنِّي أَتَيْتُ بَيْتَ الْمَقْدِسِ ورَجَعْتُ مِنَ اللَّيْلَةِ وقَدْ جَاءَنِي جَبْرَئِيلُ بِالْبُرَاقِ فَرَكِبْتُهَا وآيَةُ ذَلِكَ أَنِّي مَرَرْتُ بِعِيرٍ لأَبِي سُفْيَانَ عَلَى مَاءٍ لِبَنِي فُلَانٍ وقَدْ أَضَلُّوا جَمَلًا لَهُمْ أَحْمَرَ وقَدْ هَمَّ الْقَوْمُ فِي طَلَبِه فَقَالَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ إِنَّمَا جَاءَ الشَّامَ وهُوَ رَاكِبٌ سَرِيعٌ ولَكِنَّكُمْ قَدْ أَتَيْتُمُ الشَّامَ وعَرَفْتُمُوهَا فَسَلُوه عَنْ أَسْوَاقِهَا وأَبْوَابِهَا وتُجَّارِهَا فَقَالُوا يَا رَسُولَ اللَّه: كَيْفَ الشَّامُ وكَيْفَ أَسْوَاقُهَا قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّه (ص) إِذَا سُئِلَ عَنِ الشَّيْءِ لَا يَعْرِفُه شَقَّ عَلَيْه حَتَّى يُرَى ذَلِكَ فِي وَجْهِه قَالَ: فَبَيْنَمَا هُوَ كَذَلِكَ إِذْ أَتَاه جَبْرَئِيلُ (ع) فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّه هَذِه الشَّامُ قَدْ رُفِعَتْ لَكَ فَالْتَفَتَ رَسُولُ اللَّه (ص) فَإِذَا هُوَ بِالشَّامِ بِأَبْوَابِهَا وأَسْوَاقِهَا وتُجَّارِهَا...
وغيرها من الروايات المستفيضة بأسانيد صحيحة تدل ان رسول الله ص اسري به الى بيت المقدس الذي هو في فلسطين لا البيت المعمور لذلك يشدد امامنا الخميني رضوان الله عليه على يوم القدس العالمي وهو اليوم الذي يندد به المسلمون وويدينون اغتصاب الكيان الغاصب لحرمة المسجد الاقصى وهو المسجد الذي اسري به النبي ص كما دلت عليه الروايات لذلك نحيي هذا اليوم وندين به افعال الكيان الغاصب وانتهاكه لقبلة المسلمين الاولى ومسرى رسول الله ص كما نص علي ذلك القرآن والروايات الشريفة بأنه بيت المقدس
وخلاصة الادلة :
ان خبر ابو بكر الحضرمي الذي روى عن الصادق عن امير المؤمنين ع بأن المسجد الاقصى هو البيت المعمور هو مردود بعدة ادلة :
اولا في نفس المصدر عن ابن طاووس روي بسنده عن ابي صباح الكناني نفس اللفظ عن الصادق ع عن امير المؤمنين ع تفيد ان الاسراء كان لبيت المقدس ثم بعد ذلك رفعه جبرائيل الى البيت المعمور في السماء
ثانيا سند رواية ابي الصباح الكناني مجبورة بطرق اخرى واسانيد صحيحة تقوي هذه الرواية وتفيد بأن النبي ص اسري به الى بيت المقدس كما اسلفنا
ثالثا خبر الحضرمي انفرد به بذكر ان المسجد الاقصى هو البيت المعمور ولا توجد رواية اخري تقول انه البيت المعمور فقط خبر الحضرمي وهو مختلف عن خبر سلام الحناط وخبر جابر وهذان الخبران يصرحان ان المسجد الاقصى فقط في السماء بدون ذكر لفظ البيت المعمور اضف انه مخالف للروايات الصحيحة المستفيضة بإسراء النبي ص الى بيت المقدس ثم بعد ذلك عرج به الى السماء فيكون خبر الحضرمي خبر احاد وقد امرنا ائمتنا ع بأن نترك الشاذ النادر وان نأخذ بالمشهور عندنا كما في ورد في خبر زرارة بن أعين، قال:
سألت الباقر (عليه السلام)، فقلت: جعلت فداك، يأتي عنكم الخبران أو الحديثان المتعارضان، فبأيهما آخذ؟ فقال (عليه السلام): " يا زرارة، خذ بما اشتهر بين أصحابك ودع الشاذ النادر "وابي بكر الحضرمي وان كان وثقه بعض المتأخرين الا انه لم يرد فيه توثيق من المتقدمين اضف دليل على عدم وثاقته روايته لهذا الخبر الشاذ النادر و مخالف لما هو المشهور بين علماء الشيعة ومخالف للروايات المتواترة الصحيحة الصريحة ان الرسول ص اسري به الى بيت المقدس
فإن قال المستشكل : ان ائمتنا ع امرونا بأخذ ما يخالف العامة واسراء النبي ص الى بيت المقدس موافق للعامة فلا يجب القول بهذه الرواية
والجواب : ان ائمتنا ع امرونا بعدم الاخذ بالرواية المخالفة لكتاب الله وسنة رسول الله ص الموافقة للعامة والروايات المذكورة في اسراء النبي ص الي بيت المقدس تفسر اسراء النبي ص الى المسجد الاقصى في كتاب الله وهي السنة عن ائمتنا ع ثانيا الروايات الذاكرة لاسراء النبي ص الى بيت المقدس متواترة وبعدة طرق واسانيد صحيحة رابعا مشهور علماء الامامية منذ القدم والى الان يصرحون ان النبي ص اسري به الى بيت المقدس لا البيت المعمور وقد اشبعنا ذلك بعدة بحوث سابقة تصدح بأقوالهم
وللاسف اتباع ياسر الخبيث من الشيرازية اللندنية الشواذ وبعض متعصبين الشيعة يحتجون بما هو خبر شاذ ونادر من اجل التنقيص من جلالة المسجد الاقصى وكل هذا عنادا بالجمهورية الاسلامية وبقائدها ومرشدها الامام الخامنئي او لاهداف طائفية قذرة تخدم الكيان الغاصب نشكوهم الى الله
فالنتيجة :
فطبقا للأدلة لا يحتج بخبر ابي بكر الحضرمي كونه مجهول وايضا لمخالفته للمشهور وكونه شاذ ونادر اضف ان الأصحاب لم يعملوا بهذه الرواية وهذا والحمد لله رب العالمين وصلى الله على الجد المصطفى محمد وعلى آله الطيبين الطاهرين ولعنة الله على اعدائهم اجمعين
حرره وكتبه انصار الكرار بتاريخ ٢٣/رمضان/١٤٤٤ هجريا
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق