تعجز اقلامنا عن ذكر رجل اسس الولاية واسس حاكمية الدين وطبقها بعد النبي ص ونحن نتكلم عن التأسيس بعد الدين الاسلامي نعم الولاية والحاكمية لها جذور قبل الاسلام كقصة طالوت وروبيل ولكن عندما نتكلم عن المؤسس الاسلامي لمفهوم الولاية هو رسول الله ص ووصيه امير المؤمنين ع ان الامير ع كان من السياسيين الدقيقين الذي لم يعزل نفسه عن السياسة بل حتى مع غصب حقه الامام لم يترك السياسة ويكون جليس بيته كما ادعى اهل الدكاكين بل كان يتدخل بالسياسة لمصلحة المسلمين كيف وهو امير المؤمنين وهذا اللقب هو منصب اللهي سواء قام او قعد لذلك تكليفه الشرعي ووفقا لهذا منصبه ومنصب الامامة الذي تقلده ان لا يعزل نفسه عن السياسة وهذه اقواله وخطبه حيث كان عمر بن الخطاب يستشيره بشؤن الحرب والامام ع يعطي النصيحة وينصحهم وكانوا يطبقون كلام الامام في الحروب وغيرها من الامور السياسية حرفيا فمثلا في نهج البلاغة عندما استشاره عمر بن الخطاب في الشخوص لقتال الفرس بنفسه نأخذ نص الشاهد من كلام الامام ع حيث يقول ((وأما ما ذكرت من عددهم فإنا لم نكن نقاتل فيما مضى بالكثرة، وإنما كنا نقاتل بالنصر والمعونة)) هنا ينصح الامام لعمر ان لا ترهبه كثرة عددهم ويذكره عندما كانوا يقاتلون فيقاتلون بالنصر والمعونة لا بكثرة العدد وهذا شاهد اخر بتدخل الامام ع بالسياسة وانه لم ينعزل ولم يكن حبيس بيته بل نجد انه ع كان حاضرا في المشهد السياسي فيما يخص امور المسلمين بل نجد امير المؤمنين ع يقول في كتاب الغارات لابراهيم الثقفي :فتولّى أبو بكر تلك الأُمور، وسدّد ويسر، وقارب واقتصد، فصحبته مناصحاً، وأطعته فيما أطاع الله جاهداً
والخطبة مروية بطرق اخرى فالامام ع عندما فعل ذلك ليس لان ابو بكر اولى منه بل من اجل مصلحة المسلمين وعندما صحبه من اجل ان ينصحه بخصوص امور المسلمين بقوله ع : فصحبته مناصحا
واطاعه الامام ع بحدود طاعته لله من اجل مصلحة المسلمين لا انه يرى ابو بكر اهلا منه لذلك ولكن المصلحة العامة للمسلمين تغلب على كل شيء فهذا امير المؤمنين ع يتدخل بالسياسة وينصح الخلفاء الذين سبقوه بخصوص امور المسلمين السياسية والاجتماعية ايضا هذاحاله قبل تصديه للحكم واما حاله بعد التصدي للحكم بعد رجوع الحق اليه وتصديه للخلافة فقد نصب الفقهاء للقيادة ولاة على المدن او البلاد التي تحت سيطرة خلافته ومنهم عثمان بن حنيف كان متفقها في الحديث والكتاب نصبه امير المؤمنين ع على البصرة وتم عزله من قبل اهل الجمل
والقصة طويلة ومنهم مالك الاشتر في العهد المعروف بولاية مصر نأخذ الشاهد المهم من كتاب العهد الذي كتبه لمالك الاشتر عند توليته : وأكثر مدارسة العلماء ومنافثة الحكماء، في تثبيت ما صلح عليه أمر بلادك، وإقامة ما استقام به الناس قبلك. واعلم أن الرعية طبقات لا يصلح بعضها إلا ببعض، ولا غنى ببعضها عن بعض. فمنها جنود الله، ومنها كتاب العامة والخاصة، ومنها قضاة العدل، ومنها عمال الانصاف والرفق، ومنها أهل الجزية والخراج من أهل الذمة ومسلمة الناس، ومنها التجار وأهل الصناعات، ومنها الطبقة السفلى من ذوي الحاجة والمسكنة وكلا قد سمى الله سهمه، ووضع على حده فريضته في كتابه أو سنة نبيه ’، عهداً منه عندنا محفوظاً
نستخلص من كلام امير المؤمنين ع لمالك يحثه علي مدارسة العلماء اي التباحث وايضا تباحثه مع الحكماء من اهل الرأي السديد وبهذا يكون مالك الاشتر فقيها عالما لانه لا يدارس عالما الا من كان عالما فقيها عادلا لان هذا الامر يصلح حال البلاد التي يتولاها وبهذا يحثنا الامام من خلال العهد الذي كتبه لمالك ان صفات الحاكم الذي من الله لابد ان يكون عالما فقيها حكيما متضلعا بالامور السياسية والاجتماعية والا ففقدان هذه الشروط سيكون الحاكم جبتا وطاغوتا يعبد من دون الله لان الرعية التي هي طبقات من قضاة العدل و العامة والخاصة و اهل الجزية والخراج واهل الذمة ومسلمة الناس والتجار واهل الصنعات والطبقة السفلي هذه هي الرعية والرعية التي تكون بهكذا طبقات تحتاج الى قائد صفاته يكون عالما فقيها حكيما كما اخبر امير المؤمنين ع وهذه هي صفات الحاكم من الله من كلام امير المؤمنين ع وقد اعطاها لمالك الاشتر ومالك ليس معصوما بل كان عالما فقيها وهذا يرد على من يدعي ان الولاية العامة هي فقط للمعصوم بل ايضا لغير المعصوم لان هنالك غير المعصومين من طبقها واعطاها الامام ع لغيره وكلام الامام وتقريره سنة يتم العمل بها جيلا بعد جيل لا يختص في زمانه فهذا هو تدخل الامام ع بالسياسة وتصديه ايضا واعطائه الولاية العامة للفقهاء لا كما يدعي بعض اهل الدكاكين جماعة الحيض والنفاس جماعة فصل الدين عن السياسة هذا هو امامنا امير المؤمنين ع الذي نعرفه وهذه دعوة لاهل الدكاكين بإعادة قرائة سيرة امير المؤمنين ع السياسية وتطبيقه للسياسة الاسلامية لان السياسة الصحيحة قائمة بالدين والدين والسياسة لا ينفصلان ولو اردنا ان نقرأ ونتتبع السيرة السياسية لامير المؤمنين ع بشكل كامل فلن نكمل ليوم القيامة لان هذا الذي ذكرناه نبذة من المواقف السياسية لامير المؤمنين ع الذي يعتبر سيد السياسة في عصره من خلال قرائتنا لسيرته العطرة وهذا والحمد لله رب العالمين وصلى الله على الجد المصطفى محمد وعلى آله الطيبين الطاهرين ولعنة الله على اعدائهم اجمعين
كتبه وحرره انصار الكرار بتاريخ ١٩/رمضان/ ١٤٤٤ هجريا
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق